العدد 3 يناير كانون الثاني 2024

| 90

خالصة لم تجد القوى السياســية التي اســتولت على الح م في الجزائر بعد دحر االستعمار الفرنســي أي صعوبة في إرســاء أُسُس منظومة إعالمية تقوم على الصحافة التعوية، والســب في ذلك ال يعود إللغاء التعددية السياســية واإلعالمية فحســب، بل ألن صحافة االستقالل ش َّكَلت امتدادًا للصحافة النضالية التي ظهرت في ظل االستعمار والتي عملت على رفع الوعي الوطني لدى القراء. لذا اتجهت إلى نشــر التعليقات على األحداث والمواقف وإبراز اآلراء واألف ار التي تخدم بناء الدولة الوطنية على حساب استقاء األخار واالستقصاء الصحفي، ثم انزاحت تدريجيًا عن دورها النضالي والتع وي نحو الوالء للسلطات الحاكمة. ولتحقيق ذلك، استعملت السلطات العمومية إستراتيجية االحتواء واإلقصاء من خالل األساليب الماشرة: منح اإلعانات، والضغط عــر ديون المطابع العمومية، وتوزيع الريع الناجم عن اإلعالن العمومي، الذي يُعد سالحًا خطيرًا يتح م في مصير وسائل اإلعالم الجزائرية؛ ألنه يُش ِّكِل مصدر دخلها األساســي، وعر األساليب غير الماشــرة، مثل تحريك مصالح الضرائب لمراجعة .) 78 الحسابات المالية للصحف( هذه اإلســتراتيجية أمْلتها الشــعوية التي تؤمن بوحدة الرأي والموقف، والذي يجب أن ينع س في وســائل اإلعالم العتقادها أنها تعِّبِر عن رأي الشــعب الذي يتســم س ـ ِدها الريع الذي تحصل عليه وسائل اإلعالم من اإلعالن العمومي � بتجانســه، ويُج المُحدِد لخطها التحريري؛ فوسائل اإلعالم التي انتقدت الخطاب الرسمي أو عارضته ُْج ِْبِرت على إعــادة النظر في خطها التحريري لتضمن بقاءها. اختفــت تدريجيًا، أو أ وه ذا أصحت وســائل اإلعالم بمنزلة مُمَثِل للســلطات العمومية لدى الجمهور- الشــعب. والدليل على ذلك أن هذه الســلطات تتهم وسائل اإلعالم بضعف الدفاع عن منجزاتها، والتَوَهُن في نقل الخطاب الرسمي للشعب، والترويج له. ولئن حاولت الســلطات العمومية أن تجعل من الصحف الخاصة واجهة ديمقراطية للنظام السياسي في نهاية ثمانينات ومطلع تسعينات القرن الماضي إلعطاء مصداقية لتوجهها نحو اقتصاد الســوق، فإن نظام بوتفليقة قضى على هذه الواجهة بترســيخ الميراثيــة الجديدة لحماية مصالحه ومصالح حاشــيته. وإن كانت ال لفة االقتصادية والسياســية لهــذه الميراثية تتطلب تقييمًا شــام ًلا على المــدى العيد، فإن مالمحها

Made with FlippingBook Online newsletter