رؤية حول الأمن القومي الفلسطيني

ف فلسطينيو الشتات يخضعون إلجارءات بيروقارطية، تُضيّق الخناق عليهم، وتفرض عليهم "بطاقات هوية" متعددة اﻷصناف والصالحيات، وتتركهم تحت رحمة تبدّل القوا نين، بما ينتقص من أمنهم الشخصي واإلنساني. وتحو ل الفلسطيني إلى "إنسان مستباح" )*( ، السيما من يسكن منهم مخيمات اللجوء والعشوائيات، التي تفتقر ﻷدنى مقومات الحياة الكريمة. ( 49 ) ففي اﻷردن، ورغم أن الفلسطينيين يحظون بحقوق الجنسية كاملة، إال أن نحو ( 140 ) ألفًا م نهم لم يجر تجنيسهم، وم ا ازلوا يعيشون في أوضاع مزرية، بينما سحبت السلطات الجنسية اعتباطًا من آالف آخرين مؤخًار. ( 50 ) وفي لبنان، يعانون ظروفًا صعبة، حيث يتمركز غالبيتهم في مخيمات تفتقر ﻷدنى مقومات الحياة اإلنسانية الكريمة، وتقيّد الدولة حقوقهم في التنقّل، والعمل، والتملّك. ( 51 ) أما في سوريا، فتعصف بالفلسطينيين نكبة نزوح جديدة، حيث نزح نحو نصف مليون فلسطيني داخليّا بفعل الصارع الدائر، فيما لجأ نحو ( 18 ) ألفًا منهم إلى لبنان؛ ليعانوا ظروفًا معيشية قاهرة. ( 52 ) ويخضع فلسطينيو العارق لحالة من االضطهاد والتهجير والمداهمات منذ سنة ( 2003 ،) فيما يعاني الفلسطينيون من حَمَلة الوثيقة المصرية تعقيدات شديدة على سفرهم. ( 53 ) وفي سياق آخر، يعاني الفلسطينيون من انتهاك أمنهم اإلنسانيّ، خالل سفرهم عبر عدد من الدول العربية، فسكان قطاع غزة يواجهون صعوبة استصدار تأشيارت ا لسفر إلى دول الخليج ، إلماارت) العربي (وخاصة ا السيما بعد تطبيعها مع "إسارئيل". ( 54 ) وتمنع مصر اآلالف منهم من السفر عبر منفذ رفح الوحيد، وتُقد ر أعداد الم درجين في قوائم المنع من السفر بنحو ( 15 ) ألف؛ كثير منهم من عناصر المقاومة، ويشير البعض إلى أن تحديد اﻷسماء يتم بالتنسيق مع "إسارئيل"؛ ويُعتبر هذا العدد كبيًار مقارنة بحالة المعابر بين أي دولتين في العالم. ( 55 ) ومن ناحية أخرى؛ فإن من يُسمح لهم بالسفر، يشتكون من حاالت التكدير واإلذالل أثناء سفرهم عبر اﻷارضي المصرية. ( 56 ) )*( يرى باحثون في " نظرية االستثناء " ل لفيلسوف اإليطالي جورجيو أغامبين ( Giorgio Agamben )، إطاًار مناسبًا لتفسير طريقة تعامل الدول العربية مع الالجئين الفلسطينيين؛ التي تشير إلى ال حالة التي يُخرج القانون فيها الفرد من دائرة المواطنة الحقوقية، إلى حياة تقتصر على حاجاته اﻷساسية، من أكل وتكاثر، وينقله إلى " حياة عارية ( " Bare life )، يصبح فيها " إنسانًا مستباحًا ( ،" Homo Sacer ،) وتوضّح أن الدول ما ازلت تطبّق هذه السياسة، تحت ذارئع حماية أمنها. الزغير، اﻷمننة والالجئون ، ص 152 ؛ والعجلة، "اإلنسان المنبوذ والحياة الغزّيّة العارية".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

94

Made with FlippingBook Online newsletter