3 . 4 . تحديات ناشئة من طبيعة النظام الدولي: شهدت نهايات القرن العشرين ، انتهاء الحرب الباردة، وتحوّل النظام الدولي )*( نحو هيمنة القطب الواحد (الواليات المتحدة)، وتحوّلت مؤسساته إلى مؤسسات عالمية تحت هيمنة هذا القُطب، وتغيّرت طبيعة الصارع الدولي من النمط اﻷيديولوجي إلى النمط االقتصادي، وتقلّصت حرية الدول الصغرى إلى حد كبير في النظام الدولي الجديد. ( 90 ) وتتأثر الدول عامّةً، والدول الصغرى خاصةّ، بطبيعة النظام الدولي السائد، وكلّما كانت المناعة الداخلية للدولة أقل [كما في الحالة الفلسطينية]، كلما كانت أشد ت أثًاّر بالمتغيارت الدولية. ( 91 ) ويمكن استعارض أهم التحدّيات الناشئة من واقع النظام الدولي، على النحو التالي: 3 . 4 . 1 . النظام الدولي أحادي القطبية ي قيّد التحرّك السياسي للدول الصغرى: يرى باحثون أن حرية تحرّك الدول الصغرى في ظل نظام تعدد اﻷقطاب ونظام الثنائية القطبية، يتّسع مداها، بفضل وجود مساحة رمادية بين اﻷقطاب المختلفة، توفّر هامش حرية أكبر، يمكن استغاللها لتحقيق أقصى مصلحة لهذه الدول. ويستشهدون بفترة احتدام الحرب الباردة منذ ال خمسينات وحتى نهاية الثمانينات في القرن العشرين، حيث استفادت كثير من هذه الدول من ظهور منظمة دول عدم االنحياز ، ومنظمات إقليمية عديدة. ( 92 ) أمّا في ظل االنفارد اﻷمريكي بالهيمنة على النظام الدولي، فإن هامش حرية الدول الصغرى في التحرّك يتارجع بشدّة، وتقل مساحة المناورة السياسية لديها، فتميل غالبيتها إلى انتهاج سياسات التبعية، و مسايرة الركب مع القوة العظمى؛ لعدم قدرتها - منفردة أو مجتمعة - على التوازن ضدّها بصورة تقليدية. ( 93 ) إال أن هذا النهج ال يتناسب بالضرورة مع الحالة الفلسطينية، فالقُطب اﻷمريكي المهيمن على النظام الدولي، يتمسّك بتحالفه االستارتيجي مع عدو الشعب الفلسطيني "إسارئيل"، ويعدها قاعدة أمريكية متقدّمة تساعده في الهيمنة على إقليم الشرق اﻷوسط (كما أوضح الكتاب سابقًا)، وبالتالي فإن مصالحه االستارتيجية مع "إسارئيل" تحظى بأولوية، ومقدّمة لديه على منطق العدالة والقانون، أو التفكير في إنصاف الشعب الفلسطيني. كما أن معاكسة هذا النهج بمحاولة موازنة القوة بالطرق التقليدية ليست مهمّة سهلة، ال سيما مع مشاهدة تجارب دول أخر تدفع أثمانًا باهظة؛ نتيجة محاولتها تحدّي الهيمنة اﻷمريكية، كإيارن، وكوريا الشمالية، والبارزيل، وفنزويال، وغيرها.
)*( النظام الدولي: هو مجموعة القواعد والمعايير واﻷعارف التي تحكم العالقات بين الجهات الفاعلة اﻷساسية في البيئة الدولية. ماازر وآخرون ، ص 7 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
102
Made with FlippingBook Online newsletter