رؤية حول الأمن القومي الفلسطيني

مقدمة

شغلت مسألة "اﻷمن" فكر اإلنسان منذ أقدم العصور، وعدّها إحدى حاجياته الضرورية للبقاء، و أخذ يكافح من أجل تحقيقها، و مع تطوّر المجتمعات البشرية شيئا فشيئ ا؛ بدأ يدرك أن أمنه الفردي لن يتحقق إال بتحقق أمن المجتمع، ومن ثم أمن الدولة ككل. وبعد ظهور الدول الحديثة – عقب توقيع اتفاقية "ويستفاليا" سنة ( 1648 ) )*( - بدأت تبرز أهمية دارسات اﻷمن القومي؛ نتيجة لتازيد قلق الدول على سيادتها؛ خوفا من التهديدات العسكرية الخارجية، في ظل النظام الدولي الذي يتصف بالفو ضوية وتصادم المصالح. وأصبحت الدولة هي محور مفهوم اﻷمن القومي، و الهدف هو حماية سيادتها ومصالحها ونظام حكمها. وفي الحالة الفلسطينية؛ وعلى الرغم من غ ياب سيادة الفلسطينيين على أرضهم، ووجودهم في خضم مرحلة تحرر وطني ، إال أن ذلك ال يعني عدم وجود "أمن قومي فلسطيني"، إذ إن الشعب الفلسطيني ككل شعوب اﻷرض؛ له مصالح ه الع ليا التي يكافح لحمايتها، وغايات ه العليا التي يسعى لتحقيقها؛ وعلى أرسها الحفاظ على بقائه، و تحرير أرضه، وإقامة دولته المستقلة، إلنسان الفلسطيني ، وقيمه، وحماية ا ومصالحه. وتتسم البيئة االستارتيجية الفلسطينية بأنها شديدة التعقيد، نتيجة للتدخالت الخارجية في القضية الفلسطينية ومسا ارتها . إن هذه التدخالت بدأت في وقت مبكر من عمر القضية الفلسطينية، بل إنها موجودة قبل بدء االحتالل "اإلسارئيلي" )†( سنة ( 1948 م)؛ حتى صار الفاعلون الخارجيّون أكثر تأثيًار في القضيّة – إلى حد ما- من الشعب الفلسطيني نفسه. * * )*( صُلح ويستفاليا ( Peace of Westphalia :) يُطلق على معاهدت ي السالم اللتين دارت مفاوضاتهما في منطقة ويستفاليا بألمانيا، سنة ( 1648 )؛ وأنهت عقودًا من الحروب الدينية بين اإلمبارطورية الرومانية، وفرنسا، وإسبانيا، والسويد، وهولندا، والدويالت اﻷلمانية المتناحرة، وهي أول اتفاقية دبلوماسية دولية في العصر الحديث. لالست ازدة: بن عامر، "معاهدة ويستفاليا 1648 ،" الموسوعة السياسيّة، 19 / 8 / 2017 . )†( " إسرائيل ": هي الكيان االستعماري الذي أقامته الحركة الصهيونية بالقوة في أرض " " النتدابية فلسطين ا ، وأعلنت عنه في 14 / 5 / 1948 ، * وأصبحت "دولة إسارئيل" عضوا في اﻷمم المتحدة. انظر: الكيالي وآخرون، موسوعة السياسة ، ص 5 / 313 . علمًا أن المؤلف يستخدم مصطلح "إ سارئيل" في هذا الكتاب للداللة على هذا الكيان، مع التأكيد على رفضه لشرعية وجوده على ا ﻷرض الفلسطينية المُحتلّة.

Made with FlippingBook Online newsletter