رؤية حول الأمن القومي الفلسطيني

2 . 1 . العامل الديم غ ارفي: بعد نحو ثمانين سنة من صارع الفلسطينيين ضد عدو يفوقهم عُدّة وحيلة، ورغم الخسائر الفادحة التي تكبّدوها في هذه المدّة، و المعاناة الناجمة عن سياسات السيطرة االستعمارية، إال أن نصف الشعب الفلسطيني ال يازل موجودًا على أرض فلسطين، متمسّكًا بأرضه. ال أن هذا الميل لم يزل ورغم وجود ميل لدى العديد منهم نحو الهجرة والخالص الفرديّ، إ في مستوى المعدّالت المعقولة ، فوفقًا إلحصائيات "الباروميتر العربي" في المدّة ( 2021 - 2022 ؛) فإن رُبع الفلسطينيين فقط ( 25 %)، يفكرون في الهجرة من بلدهم، وهي نسبة مقبولة ، إذا قورنت بما يتعرضون له من اضطهاد وتدمير "إسارئيلي"، وبالمقارنة مع النسب المرتفعة في دول عربية أُ خَ ر؛ فمث تتاروح ال هذه النسب في اﻷردن، والسودان، وتونس، ولبنان، والعارق، والمغرب، ما بين ( 48 - % 34 .)% ( 3 ) وقد ترتفع هذه النسبة نتيجة لتداعيات الحرب المُدمّرة على غزة ( 2023 - 2024 )، لكّن من المتوقع أن تبقى في إطار يُخل ال بالتركيبة الديموغارفية في فلسطين بشكل جوهري. وال يازل العامل الديمغارفي يعمل بشكل إيجابي ومطّرد لصالح الفلسطينيين، فقد تضاعف عددهم منذ ( 1948 ) نحو ( 10 ) مارت، وأصبحوا يشكّلون اﻷكثريّة داخل فلسطين االنتدابية، بنسبة ( 50.1 %) مقابل ( 49.9 %) لليهود. ( 4 ) كما أن تضاعف تعداد فلسطينيي الداخل المحتل، جعل رئيس الوزارء "اإلس ارئيلي" (نتانياهو) يحذّر مما وصفه بـ "القنبلة الديموغارفية"؛ مذكًار بأن هدف "إسارئيل" هو إقامة دولة يهودية أوال، وديمقارطية ثانيًا، وأن هذا يتطلب ضمان أغلبية يهودية، كي لغ ال ت ي الديمقارطية الطابع اليهودي للدولة، وتوقّع بأنّه في حال وصول أعداد الفلسطينيين داخل "إسارئيل" إلى نسبة ( 35 - 40 %) من عدد سكانها، فلن تبق دولة يهودية، بل ستصبح دولة ثنائية القومية. ( 5 ) وال شك أن هذا اﻷمر يضع "إسارئيل" في مأزق المفاضلة بين الحفاظ على "طابعها الديمقارطي واليهو دي" من جهة (وهو يتطلب المحافظة على أغلبية يهودية)، أو االنزالق نحو نظام فصل عنصريّ، مع ما يترتب عليه من اإلدانات الدولية، من جهة أخرى؛ اﻷمر الذي جعل رئيس الموساد اﻷسبق يعدّه التهديد الوجودي اﻷول "إلسارئيل". ( 6 ) وتتميّز الديمغارفية الفلسطينية بأنّها متجا نسة، شبه خالية من التعقيدات الطائفية؛ فاالنقسام الفلسطيني الحالي مردّه إلى منطلقات سياسية ال طائفية، وهو ما يمكن تجاوزه إذا وجدت اإلاردة الوطنية؛ مقارنة بصعوبات التوحّد في الدول التي تعاني من انقسامات طائفية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

119

Made with FlippingBook Online newsletter