رؤية حول الأمن القومي الفلسطيني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ ـــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ رؤية حول األمن القومي الفلسطيني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

ويحظى الفلسطينيون بمقوّمات دبلوماسية شعبية جيدة، كالمكانة الدينية والقومية المرموقة للقضية الفلسطينية لد ى المسلمين والعرب، وطوائف من المسيحيين؛ وانتشار الفلسطينيين المغتربين في دول العالم، والجاليات العربية واإلسالمية المتضامنة مع فلسطين؛ وتشابه حركة التحرر الوطني الفلسطيني مع تجارب شعوب دول الجنوب العالميّ، التي اكتوت بنار الستعمار ، وما ا ازلت تحتفظ بمشاعر سلبية تجاه الهيمنة الغربية. ( 43 ) وفي هذا السياق، تبرز أهمية الدبلوماسية الرقمية ( Digital diplomacy )، السيما مع تطور وسائل التواصل االجتماعي واإلعالم الرقمي، وتازيد تأثيرها على صنّاع القارر في الدول؛ مقابل تكلفتها المالية الزهيدة، ووفرة النشطاء الفاعلين فيها . وقد أثبتت قدرة جيّدة في المحافظة على حضور القضية الفلسطينية لدى الأري العام الخارجيّ، ونوعًا من التصدّي للدبلوماسية الرقمية "اإلسارئيلية"، وموجات التطبيع الرسمي مع "إسارئيل" ( 44 ) ، كما أثبتت قي إلسارئيلي"، وتع فعالية في الحد من حرية عمل الجيش "ا د حساباته عند شن العمليات العسكرية الواسعة ضد الفلسطينيين، تخوّفًا من ضغوط الأري العام العالمي ، إلى حد ما. ف على سبيل المثال، في حرب غزة ( 2012 )، وفّر الدعم العام "إلسارئيل" على موقع تويتر في بداية الحرب تشجيعًا لها على تصعيد عدوانها العسكري، إال أن تحوّل هذا الدعم لصالح الفلسطينيين الحقّا، أجبرها على تخفيض حدّة هجومها العسكريّ، والتحوّل نحو زيادة نشاطها على شبكات التواصل االجتماعي لتبرير عملياتها؛ وبذلك كان تأثير الأري العام الدولي على المعركة أكبر من تأثير الفاعلين الدوليين الرئيسيين، وهم : الواليات المتحدة، و مصر، واﻷمم المتحدة. ( 45 ) و في حرب غزة ( 2021 )، نجحت الدبلوماسية الرقمية الفلسطينية الشعبية في التغلّب على نظيرتها "اإلسارئيلية" خالل الحرب، وظهرت فجوة على مواقع التواصل االجتماعي، لصالح الرواية الفلسطينية مقابل "اإلسارئيلية"؛ مما ولّد ضغطًا مُعتَبًار على صان ع القارر "اإلسارئيلي". ( 46 ) لكن اﻷمر اختلف في حرب غزة ( 2023 - 2024 )، فقد أدارت "إسارئيل" وجهها ل لأري العام العالمي، الواقعي منه واالفتارضي ، وشجّعها في ذلك الدعم اﻷمريكي والغربي الواسع، وحالة اإلجماع الشعبي الداخلي لديها على االنتقام من غزة بعد عملية "طوفان اﻷقصى"، واستفادة الحكومة "اإلسارئيلية" من الحرب للتهرب من الخالفات الداخلية. ويشير ما سبق، إلى أن الدبلوماسية الرقمية مؤثرة جدًّا ، لكن تأثيرها له حدود، ترتبط بالكثير من المتغي ارت اﻷخر على أرض الواقع، وهي وإن عجزت عن إنهاء تدفّع ال أنّها العدوان، إ "إسارئيل" ثمن ا باهظًا على صعيد صورتها في العالم؛ التي تنفق ملياارت الدوالر وسنوات من العمل لتجميلها وتسويقها عالميًّا، على المستوى الرسمي والشعبيّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ

178

Made with FlippingBook Online newsletter