و أرت أن أفكار الفاعلين الدوليين (كالدين، والثقافة، والتارث، والتاريخ) هي التي تشكّل هوياتهم، ومن ثم تُحدد مصالحهم بناء عليها، ولذا فإن طبيعة العالقات بين الدول ليست فوضوية دائمًا وال سلميّة دائمًا، بل تتغير تبعا لتغيّر اﻷفكار والهويات والقيم السائدة لدى ال فاعلين الدوليين، الذين رفضت حصرهم في الدول، بل عدّت اﻷفارد، والمنظمات غير الحكومية، والجماعات العابرة للدول – فاعلين مؤثرين أيضا. وبذلك مهّدت (البنائية) الطريق لظهور المقاربات النقدية. ( 26 ) 2 . 2 . 2 . المقاربات النقدية، : أل وتوسيع مفهوم ا من سطع نجم المقاربات النقدي ة اﻷمنية في بداية تسعينيات القرن العشرين ، وقدّمت نقدًا الذعًا للنظريات التقليدية، فنادت باالهتمام بأمن الفرد بدال من "أمن الدولة"، وأرت أن أغلب التهديدات ﻷمن ا لشعوب ال تَصْدُر بالضرورة من جيوش دول الجوار، بل تأتي غالبيتها من مهددات أُخَر غير عسكرية [كا لفقر، والمرض، والجور السياسي و االقتصادي داخل الدولة، وغيرها] ( 27 ) ، وقد برز من بينها ثالث مدارس: مدرسة كوبنهاجن (وهي اﻷشهر)، ومدرستا أ برستويث (ويلز) التها على النحو اآلتي: وباريس، باإلضافة إلى المقاربة ما بعد االستعمارية، وكانت مقو 2 . 2 . 2 . 1 مدرسة كوبنهاجن، ارئدة توسيع وتعميق مفهوم ا : ألمن نشطت مدرسة كوبنهاجن ( Copenhagen ) في فترة ( 1985 - 2004 )، وساهمت بفعالية في حقل الدارسات اﻷمنية، بفضل ارئدها العالم البريطاني "باري بوازن" ( Barry buzan ) وزمالئه. ( 28 ) وقد عمّقت المدرسة "مستويات اﻷمن" الذي كان ينحصر في "أمن الدولة"، فأصبح يشمل مكونات أُخَر ، هي: أمن النظام الدولي، واﻷنظمة التحتية (اإلقليمية)، والوحدات (مثل: الدول، الشركات متعددة الجنسيات)، والوحدات التحتية (الفواعل غير الدوالنية مثل: الجماعات المسلحة، و اللوبيات، و اإلثنيّات، و القبائل)، باإلضافة إلى اﻷفارد. وابتكر مفكّروها مفهوم "مركب اﻷمن ا قليمي"، إل الذي يشير إلى مجموعة الدول التي يجمعها إقليم واحد، ومصالح أمنية مشتركة، حيث يصبح أمن الدولة ا لواحدة مرتبط بأمن إقليمها كلّه؛ مما يدفعها إلى التعاون اﻷمني اإلقليمي لحماية نفسها. ( 29 ) كما دعوا إلى توسيع القطاعات اﻷمنية (أو اﻷبعاد اﻷمنيّة)؛ لتشمل قطاعات أُخَر غير عسكرية، يعالج كل منها تهديدات وانكشافات مختلفة متعلّقة بطبيعته، وهي: قطاع اﻷمن السياسي، ، القتصادي، والبيئي والعسكري، وا أما الخامس وهو أهمها " اﻷمن المجتمعي". ( 30 ) (ا نظر شكل: 1.1 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13
Made with FlippingBook Online newsletter