يرى بعض الباح ثين صعوبة الحديث عن وجود ﻷمن قومي فلسطيني على أرض الواقع؛ بسبب غياب السيادة الوطنية؛ بفعل وجود االحتالل "اإلسارئيلي"؛ ولذلك يعدّونه مفهومًا نظريًّا فقط، يصطدم بالواقع عند أيّة محاولة لتطبيقه. ( 82 ) ويعارضهم كثيرون (ومنهم المؤلف ُال )، ويرون أن اﻷمن القومي حقيقة ت زم كُل الكيانات السياسية، بما فيها الشعوب والجماعات والدوَل المستقلة و تلك الخاضعة لالحتالل، لكنها تتفاوت في قدرة هذه الكيانات على تحقيق هذا اﻷمن، ويمكن االعتماد في ذلك على المرتكازت اآلتية: أ- المفهوم النظري: يجب التفريق بين مستويين من التحليل؛ األول : وجود المفهوم في حد ذاته (وهو اﻷمن القومي الفلسطيني). والثاني : وجود اﻷداة التي تعمل على تحقيق هذا المفهوم (وهي الدولة المستقلة، وهي غير موجودة في الحالة الفلسطينية). وبذلك يكون من الخطأ القول بعدم وجود المفهوم لعدم وجود أدا ته؛ ﻷن هذا يعني اعتماد التحليل على المستوى الثاني؛ متجاهال المستوى اﻷول. ب- توسّع المقاربات األمنية: فلم تعد تربط – بالضرورة- بين مفهوم اﻷمن وظاهرة الدولة، فقد طوّرت المفهوم، ليشمل مستويات فوق دوالنية، وتحت دوالنية، وعبر- دوالنية. وسواء اعتبرنا فلسطين دولة ، أو أقل من دولة، فالفلسطينيون جماعة لها هويتها السياسية والمجتمعية، وفاعل دولي تنطبق عليه مفاهيم اﻷمن. ( 83 ) ج- ارتباط األمن بالمصالح: فالشعب الفلسطيني أيضا له مصالحه، وغاياته التي يكافح )، الستقالل وتقرير المصير لتأمينها (وأهمها ا لكن الجدل يدور حول مدى القدرة على استخدام الوسائل لحماية هذه المصالح. ومن الطبيعي أن تكون تلك القدرة أكبر كثيًار لدى الدول المستقلة مقارنة بالدول الخاضعة لالحت . الل ( 84 ) د- التجارب األمنية للدول، بشكل عام: فإن جوهر اﻷمن يختلف من دولة إلى أخرى، تبعا الختالف مصالحها وقدارتها، فلكل تصوّرها الفريد حول أمنها القومي، سواء كانت مستقلة، أو غير مستقلة. ويشير إلى هذه الفكرة "وولفرز " بقوله: إ ن فكرة اﻷمن القومي تعني أشياء مختلفة، ﻷناس مختلفين". ( 85 ) ه- التجارب األمنية للدول المُحتلّة، بشكل خاص: فقد كان لديها كياناتها السياسية الثورية، وأجهزتها اﻷمنية، التي عملت على تأمين المصالح الوطنية بالقدر المستطاع؛ حتى قبل انتصارها وتحقيق استقاللها، كما في الثورة الفيتنامية. ( 86 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
29
Made with FlippingBook Online newsletter