رؤية حول الأمن القومي الفلسطيني

2 . 1 . االنقسام الفلسطيني وأزمة المشروع الوطني: أول التحدّيات هو غياب االتفاق لدى الفلسطينيين حول مشروع وطني واضح، ويوجد بدال من ذلك برنامجان يتنافسان على قيادة الشعب الفلسطيني، اﻷول تقوده السلطة الفلسطينية (منظمة التحرير سابقًا)؛ يؤمن ب التسوية السياسية للصارع ؛ واآلخر تقوده حركة حماس ومعها فصائل المقاومة، التي ترفض االعتارف بـ "إسارئيل"، وتنتهج المقاومة المسلّحة أداة أساسية. وترجع بدايات هذا "االنقسام السياسي" إلى مارحل زمنية سابقة، أخطرها كان سنة ( 1993 ) حين قَبِلت منظمة التحرير الفلسطينية التحوّل من مشروع مقاوِم إلى مشروع تسوية سياسية، فوقّعت اتفاقية أوسلو، ليتصدّع بعدها اإلجماع الوطني، ثم تعمّق عقب أحداث سنة ( 2007 .) ( 1 ) ويشير باحثون إلى دور "إسارئيل" في تصميمه وتأجيجه، وإلى تطبيقها نظرية "فانون" في ضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية، من خالل تدشينها لمفاوضات سياسية مع أحد اﻷحازب، ثم إطالة أمد عملية التفاوض، وتصميم تعاون أمني مع هذا الحزب لضرب معارضي المفاوضات؛ مما يفجّر الوحدة الوطنية الداخلية. )*( ويَسهُل مالحظة اآل ثار المُدمّرة لهذا االنقسام على واقع اﻷمن القومي الفلسطيني، ومن أهمها: تهديد اﻷمن السياسي؛ نتيجة نشوء أزمة قيادة وتنازع على التمثيل السياسي؛ فلم يعد هنالك قيادة موحدة قادرة على استثمار صمود الفلسطينيين، أو ترجمة تضحياتهم - - ال تتوقف التي إلى مكاسب سياسية لهم، كما ت ارجعت مكانة القضية الفلسطينية عربيا ودوليا، وأصبحت تبدو كأنها ص ارع على السلطة بدال من كونها قضية تحرر وطني. أما أمنيا؛ فتضاعفت وتيرة التنسيق اﻷمني بين "إسارئيل" و قيادة السلطة الفلسطينية؛ فانحسرت المقاومة في الض فة الغربية، واستغلت "إسارئيل" ذلك، فضاعفت عمليات االستيطان، لتُنتج واقعا جيوسياسيًّا شديد الضرر بالفلسطينيين. ( 2 ) وتداعَى اﻷمن اإلداري، نتيجة وجود حكومتين متنازعتَين في غزة والضفة، فساء اﻷداء الحكوميّ، وغابت الشفافية والمساءلة و أبجديات الحكم الرشيد. ( 3 ) )*( أصدر "فارنز فانون" كتابه "معذبو اﻷرض" سنة ( 1961 )، و وصف فيه الطريقة الكالسيكية لالستعمار في ضرب الوحدة الوطنية للشعوب المستعمَرة، فقال: يختار االستعمار أحد اﻷحازب الوطنية المُشارِكة في المقاومة (ال سيما إذا كان يحظى بإجماع وطني أو فرض نفسه مفاوضا وحيدا )، فيبدأ بمفاوضات معه، ويُطيل أمدها إلى أقصى حدّ، ويتعمد خاللها تفتيت مطالب هذا الحزب، ويطلب منه استبعاد العناصر التي يرى أنها "متطرّفة"، واإلبقاء على العناصر اﻷكثر اعتداالً؛ وحين تستنكر اﻷحازب اﻷ خر ما يفعله الحزب المُفاوض، يخشى الحزب الذي تسلّم السل طة من خصومه، فيقوم باتهامها بعدم الشرعية، فال يسع أحازب المعارضة إال أن تبادله االتهام بعدم الشرعية، ومن هنا يبدأ الصَّدام. انظر: الكعود وحسن، " الحتالل والمقاومة "، ص مستقبل الهوية الفلسطينية في ظل ا 25 - 58 ، نقال عن: فانون، معذبو اﻷرض ، ص 102 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

51

Made with FlippingBook Online newsletter