رؤية حول الأمن القومي الفلسطيني

كما بات اﻷمن االجتماعي والثقافي مهدد ا، بفعل امتداد االنقسام إلى الشارع والمجتمع الفلسطيني، وتقلّصت مساحة الحريات، وأدت العقوبات التي فرضتها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة المُحاصر إلى تهديد اﻷمن االقتصادي والصحي لسكانه ( 4 ) . وإجماال، فقد استنزف االنقسام الطاقات الفلسطينية في الصارع الداخلي، بدال من توجيهها ضد االحتالل. 2 . 2 . هشاشة النظام السياسي الفلسطيني: "النظام السياسي الفلسطيني" هو مصطلح حديث، بدأ اﻷكاديميون باستخدامه في مرحلة ما بعد أوسلو ( 1993 )، ويحمل إشارة إلى ظهور مؤسسات سياسية على حساب منظمة التحرير وبرنامجها؛ الذي كان يقوم على التحرر الوطني، إذ برزت سلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية، وظهرت حياة سياسية بما فيها من أحازب على الساحة الفلسطينية. ويفضّل باحثون أن نقصُر استخدام المصطلح – ال بد من استخدامه - على إن كان السلطة ال فلسطينية فقط؛ ﻷن الحالة الفلسطينية ككل لم تَزَل في مرحلة تحرّر وطنيّ، التي تتعارض مع أسس وآليات عمل النظم السياسية للدول. ( 5 ) ويعاني هذا النظام من أزمات مت اركمة، بعضها بُنيوية، وأخر ناتجة عن ممارسات نخبته القيادية؛ وهي تؤثر بالسلب على اﻷمن القومي الفلس طيني، ومن أبرزها: أ- هندسة دستورية مشوّهة: فقد صِيغ القانون اﻷساسي الفلسطيني ليناسب فترة انتقالية مؤقتة، فأنتج نظاما هجين ا غير واضح الهوية، عاج ًاز عن حل خالفات شركاء الحكم. ( 6 ) ب- نظام سياسي أبوي زبائني: يكرّس حكم الفرد الواحد، وسيطرته على السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، ويقوم على شبكة من المصالح والمنتفعين، تستأثر باﻷُعطيات بناء على الوالء الشخصي و"السالمة اﻷمنية" )*( ، وتغيب فيه العدالة والنازهة. ( 7 ) ج- غياب الممثل الموحّد للفلسطينيين: فلم يعد هنال ك إطار سياسي مُنتخب يمتلك صفة الممثل الشرعي والوحيد للك ل الفلسطيني، ال سيما أن أوازن الفصائل الفلسطينية تغيرت كثيًار، بعد نحو نصف قرن على انطالق منظمة التحرير، التي كانت ممثال طوال حقبة زمنية سابقة. ( 8 ) )*( السالمة األمنية : إج ارء يشترط حصول المواطنين على موافقة اﻷجهزة اﻷمنية؛ لتقلّد الوظائف الحكومية ، ولمعامالت حكومية أُخَر [ك تشكيل المؤسسات الخيرية، و اإلعالمية، والحصول على المنح الدارسية، واستصدار رخص الحرف، وغيرها ]، وتُعطى الموافقة للموالين للحزب الحاكم أو ذويهم، دون التقيّد بمبدأ تكافؤ الفرص أو الجدارة والكفاءة، السيما في الوظائف العليا. ائت ف أمان ال ، " واقع النزاهة ومكافحة ص 32 ، 61 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

52

Made with FlippingBook Online newsletter