رؤية حول الأمن القومي الفلسطيني

ومن جانب آخر، أدّى الزحف االستيطاني وبناء الجدار الفاصل إلى إحكام السيطرة "اإلسارئيلية" على ( 76 %) من الضفة الغربية ( 77 ) ، وتحويل التجمّعات الفلسطينية فيها إلى معازل جغارفية، مقطّعة اﻷوصال، تشبه حالة "البانتوستانات" )*( ؛ مما يقوّض فكرة إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغارفيًّا و "قابلة للحياة"، ويفسح المجال أمام محاوالت فرض حلول تسووية، قد تؤول إلى تصفية القضية الفلسطينية، مثل ما عُرف "بصفقة القرن" اﻷمريكية. وفي هذا السياق، توقّع عالم السياسة اﻷمريكي "ميرشايمر" عام ( 2010 ،) أن الواقع سيؤول إلى ضم "إسارئيل" للضفة الغربية (باستثناء التجمّعات السكانية الفلسطينية)، ولن يبقى أمام الفلسطينيين وقتها إ ا ال لنضال من أجل الحقوق المدنية داخل دولة "إسارئيل الكبرى"، وفق قوله. ( 78 ) ويرى آخرون أن "إسارئيل" قد تتجه نحو خطة "تقليص الصارع"، التي تقضي بانفصال "إسارئيلي" أحادي عن سكان الضفة الغربية (انفصال عن السكان، وليس عن اﻷرض)، مع تعزيز تبعيتهم االقتصادية، وتطوير خطة انفصال عن غزة، ووفقا لهذا السيناريو فلن يحظ الفلسطينيون إال بسلطة حكم ذاتي دائم تتولى إدارة حياة السكان في الضفة فقط. ( 79 ) وال شك أن تنفيذ أي من السيناريوين يعتمد على استمارر حالة الوهن الفلسطينية الارهنة، لكن اﻷمر سيختلف إذا تم تصعيد المقاومة الفلسطينية، وإحياء الكفاح التحرري الفلسطيني. أما في الب عد األمني، فإن السيطرة "اإلسارئيلية" على اﻷرض تحرم الفلسطينيين من العمق الكافي لتنظيم دفاعات عسكرية وفق المفهوم التقليدي ( 80 ) ؛ مما يضطرهم إلى تنظيم مقاومتهم على شكل قوات شبه نظامية في قطاع غزة، وخاليا عنقودية أو مليشيات غير هرمي ة في الضفة الغربية. وتحوّلت المستوطنات (التي تحتل المرتفعات غالب ا) إلى مصدر تهديد للمدن الفلسطينية، إذ توفّر إلس ارئيلي" للجيش "ا حقول مارقبة ورماية ، ونقاط انطالق لتوغّالته العسكرية. وتضاءل اﻷمن الفردي للفلسطينيين، فتازيد تعرّضهم لالعتقال أثناء مرورهم على حواجز االحتالل ، ووقوعهم ضحايا لالبتازز "اإلسارئيلي" بُغية إسقاطهم للتخابر معه. ( 81 ) وفي البُعد البيئي، تستغل "إسارئيل" اﻷرض بشكل يدمّر البيئة الفلسطينية، إذ تسيطر على الينابيع والم ياه الجوفية فيها، وتستغلّها لصالح المستوطنين، وتدفن مخلّفات مصانعها الكيماوية والنووية في مناطق معينة منها؛ اﻷمر الذي يتسبب بتداعيات صحية خطيرة على الفلسطينيين. ( 82 ) )*( البانتوستانات ( Bantustans ) هي: عشرة أقاليم سابقة، أنشأها نظام الفصل العنصري في دولة جنوب أفريقيا منتصف القرن العشرين، لعزل السكان السود فيها قسريًّا، ومنَحَهُم فيها حكمًا ذاتيًّا، وأجهزة أمنية تحمي مصالح الحكومة العنصرية، وأمن المستوطنين الب يض، وتتشابه إلى حد كبير مع الواقع ا ﻷمني الفلسطيني في الضفة الغربية. لالستازدة، انظر: العالول، نظام اﻷبارتهايد في دولة االحتالل راهنًا ا وجنوب إفريقيا سابق ، ص 40 - 49 ، 228 - 230 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

66

Made with FlippingBook Online newsletter