أبطال في غياهب النسيان
واسعة، ووصل صداها إلى العديد من المؤسسات الإعلامية البريطانية البارزة، ناهيك عن كبار الساسة. وكان لها صدىً كبير داخل قاعات البرلمان، حيث طالب بعض الأعضاء بفتح تحقيق رسمي فوري في الأمر، بينما طالب البعض الآخر الحكومة «بجبر هذا الظلم.» بعد بث الحلقة بشهور تبين أن وزير الدفاع البريطاني توبياس إلوود كتب سراً إلى أحد زملائه في الحزب المحافظ قائلاً: «ليس هناك أي نية حالية للمُضي قدماً في التحقيق في هذه المسألة» ليؤكد ذلك مجدداً أن الجنود الأفارقة، حتى بعد حقبة الاستعمار البريطاني، قد أُلقي بهم في ملفات التاريخ المنسي. لقد أحدث هذا الفيلم الفارق بحق، وكان للجزيرة الفضل في أن يتذكر الناس أولئك الأبطال وأن يُقروا ببطولاتهم، حتى وإن لم يتم تعويضهم بعد. لقد قدم أولئك الجنود القدامى كل هذه التضحيات لرفع راية الحرية، وقامت الجزيرة وتقوم بأداء رسالتها تحت نفس الراية.
سلطت حلقة من البرنامج حملت اسم (أبطال الامبراطورية في غياهب النسيان) الضوء على هذه المأساة المفجعة، لاسيما أن الكثير من الجنود الناجين توفوا دون أن يحصلوا على حقهم نظير ما تعرضوا له من ظلم، ومن بقي منهم على قيد الحياة، قارب المئة عام، ويعاني فقراً مدقعاً. تعقب البرنامج في كينيا وتنزانيا بعضا من أولئك الجنود، حيث التقينا ايوزبيو مبيوكي الذي خاض معارك شرسة ضد اليابانيين في أحراش بورما لسنوات فقد خلالها كثيراً من رفاقه. يعيش في كوخ متهالك وليس لديه سوى الأوسمة التي نالها عن تلك المعارك. يقول مبيوكي: «بعد الحرب، لم يمنحونا أي شيء، تخلوا عنا وتركونا بلا مُعين.» استمعنا أيضـاً لشهادة الأرملة غريس مبيثي، البالغة من العمر عاماً، التي أُجبر زوجها كوندو على الالتحاق بصفوف الجيش 94 البريطاني رغم حظر التجنيد الإجباري آنذاك، وأُرسل للقتال في صحراء ليبيا. قالت لنا: «لقد عاد محطماً تماماً بعد انتهاء الحرب. وعشنا بعدها نحن وغيرنا ممن خدموا بالجيش البريطاني في فقر مدقع.» علمنا أيضـاً أن العديد من قادة الجيش البريطاني، بمن فيهم كبار ضباط المؤسسة العسكرية، حاولوا تصحيح أخطاء الماضي. وأكد لنا ذلك الجنرال لورد ريتشاردز، القائد العام السابق للقوات المسلحة للملكة المتحدة، الذي قال: «يجب أن نشعر بالخزي لأن قدامى المحاربين الذين ضحوا من أجل بلدنا يُعاملون بهذه الطريقة. ومع ذلك، هناك مجال لتصحيح هذا الخطأ وجبر الضرر.» ، أحدثت ضجة 2019 حلقة البرنامج، التي بُثت في شهر فبراير عام
103
102
Made with FlippingBook Online newsletter