AJ 25th Book.

النهوض من تحت الرماد

هذا هو - بصورة أو بأخرى - جوهر رسالة الجزيرة، أن تنقل معاناة المهمشين، وأن توصل صوت المنسيين، وأن تسلط الضوء على ما يغفل غيرها عن ذكره أو لا يعبأ به. إننا نعمل في الجزيرة على كسر القوالب الجامدة للخطاب الإعلامي المستند إلى الرؤية الغربية، من خلال التركيز على قصص كهذه القصة: شخصان مختلفان، ينحدران من أصول مختلفة ويعيشان في بلدين مختلفين، ولكن جمعهما نضالهما المستبسل والمؤثر لتسليط الضوء على همجية الاعتداءات الجنسية، وأهمية احترام حقوق الإنسان، لاسيما حقوق المرأة. آثار الألم والصدمة والمعاناة كانت ظاهرةً على محيا كل من دينيس وناديا، وذلك جراء ما تعرض له كل منهما. إضافةً إلى ذلك، فقد دفع كل منهما ضريبة كبيرة في نضالهما لمناصرة ضحايا الاعتداءات الجنسية. في الوقت الذي كنا نجري فيه المقابلة، كان تنظيم الدولة يستعبد أكثر من ثلاثة آلاف من النساء الإيزيديات. وكانت الجماعات المسلحة عبر أرجاء الكونغو تواصل شن هجماتها واغتصاب النساء بوحشية غير مسبوقة.

النهوض من تحت الرماد مذيعة في قناة الجزيرة الإنجليزية | فولي باه تيبو

أجرينا المقابلة التلفزيونية معهما مباشرةً بعد استلامهما جائزة نوبل للسلام خلال مراسم مهيبة حضرتها العائلة الملكية النرويجية. ولكن واحداً من الأسباب التي جعلت هذه المقابلة تصيبني بالذهول منذ ذلك الحين أنها ببساطة تعكس «جوهر الجزيرة». إن جوهر ما يبذله د. موكويغي والناشطة ناديا من جهود في إيصال أصوات آلاف الضحايا من الكونغوليين والإيزيديين الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي يعكس رغبتهما الصادقة في أن يكونا «منبر من لا منبر لهم»، وأن يُسمعوا العالم قصة أولئك البسطاء المنسيين.

والثانية ناشطة عراقية يزيدية تعرضت للاغتصاب والأسر على أيدي مقاتلي تنظيم الدولة في العراق والشام، تحولت بعدها إلى مناضلة ضد الاعتداء الجنسي. ما أصابني بالدهشة بشأن هذين الشخصين اللذيْن تُوجا بجائزة نوبل وينتميان لخلفيات وثقافات مختلفة، هو إصرارهما الراسخ على العمل على وضع حد للتصرف الهمجي المتمثل في الاعتداء الجنسي خلال النزاعات المسلحة.

، سافرت مع زميلي جيمس بايز، إلى العاصمة 2018 في ديسمبر النرويجية أوسلو، لتغطية حدث عالمي مهم للغاية، وهو إجراء مقابلة تلفزيونية مع الدكتور دينيس موكويغي والناشطة ناديا مراد، الحائزين على جائزة نوبل للسلام ذلك العام. ظاهرياً، يتضح التباين والاختلاف التام بين هاتين الشخصيتين، فالأول طبيب كونغولي متخصص في الأمراض النسوية، كرس حياته بكاملها لعلاج ومساعدة ضحايا الاغتصاب في جمهورية الكونغو الديمقراطية، امرأة للاغتصاب كل ساعة، وفق تقديرات 50 حيث تتعرض نحو الخبراء.

109

108

Made with FlippingBook Online newsletter