عرس ديمقراطي لم يكتمل
وفق الزملاء في نواكشوط في الحصول على حجز وتوجهنا رفقة أفراد من الشرطة إلى المطار حيث كنا على موعد مع تحقيق مطول آخر. كل معداتنا تعرضت للتفتيش مجددا. كنا قد وضعنا ملفاتنا في أماكن لا يمكن لغير الفنيين العثور عليها ولم نسلمهم أي شيء. بعد فترة وجيزة من وصولنا المطار، حضر وفد من السفارة الموريتانية في بانجول للاطمئنان علينا.. بقينا في قاعة الانتظار تحت المراقبة اللصيقة للشرطي الذي رافقنا حتى جلوسنا على مقاعدنا في الطائرة. وجوازات السفر؟ قلناها بصوت واحد! فرد بوجه متشنج «سلمناها للقبطان وستبقى بحوزته حتى تصلوا إلى مطار داكار».
جددنا الاتصال بمسؤول إعلامي في ديوان جامي وتعهد بالرد علينا لتحديد ضيف يمثل الحكومة. في مساء اليوم الموالي، وبعد تغطيتنا لمؤتمر صحفي لآداما بارو اعتبر فيه نفسه الرئيس المنتخب، تلقيت مكالمة هاتفية قال صاحبها إنه في انتظارنا في بهو الفندق. أخبرت الزميلين ونزلنا معا. لكن المفاجأة أنه كان رفقة ثلاثة أشخاص تبين أنهم من الشرطة بلباس مدني. طلب منا تسليم هواتفنا وجوازات السفر. نحن إذن رهن الاعتقال. التي أواجه فيها 2006 إنها المرة الأولى منذ التحاقي بالجزيرة سنة وضعية كهذه. طلبت من الشرطي أن يتيح لي إرسال رسالة أخيرة ففعل على مضض وهو يقف فوق رأسي ويده قرب الهاتف. أخبرت مدير التخطيط بأننا محتجزون ولا ندري متى ستكون الرسالة النصية المقبلة. ترى إلى أين ستقتادنا هذه الجماعة؟ كيف ستتلقى أسرنا خبرا كهذا؟ أسئلة تلاحقت في ذهني وأنا أعود إلى الغرفة لترتيب الحقيبة بطلب من فريق الشرطة. تفرقوا للوقوف أمام كل الغرف مع الصراخ المتواصل والإلحاح علينا بالاستعجال. سمعت أحدهم يهمس هذه آخر ليلة يمضونها في غامبيا. ركبنا معهم في سيارات صغيرة غير مريحة، وفور وصولنا إلى المكان أدركنا أننا في مقر إدارة المخابرات. دخلنا على المسؤول الذي أمرنا بالجلوس وهو يستشيط غضبا: «الآن أخبروني كيف دخلتم غامبيا؟»، شعرنا بالارتياح لسهولة الإجابة، فنحن دخلنا عن طريق المطار وأعلنا الهدف من زيارتنا ووثائقنا مسجلة لدى سلطات المطار. ثم أردف وهل قابلتم آداما بارو؟ وهل أنتم على علاقة بمنظمات إرهابية؟
وفي نهاية الحديث قال إننا سنبقى معهم حتى نحصل على حجز في أول رحلة متوجهة إلى نواكشوط. فهمنا أنه سيتم ترحيلنا قسريا. نحتاج هواتفنا لطلب الحجز! صرخ مراسل الجزيرة نت؟ وكأننا انتبهنا فجأة لهذا التفصيل الذي قد يربطنا مجددا بالعالم. كانت تلك فرصتنا الأولى لإيصال رسائل طمأنة. يبدو أن الخبر انتشر على نطاق واسع والجزيرة تحدثت عن اعتقالنا وتواصلت مع الجهات الحقوقية والصحفية المختصة، والزملاء في المكتب أخبروا السفارة الموريتانية في بانجول، ووصل الأمر حتى إلى الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الذي طلب من الرئيس يحيى جامي إطلاق سراحنا فورا.
131
130
Made with FlippingBook Online newsletter