الضغوط لا تثنينا
الضغوط لا تثنينا مدير مكتب الجزيرة في الكويت | سعد السعيدي
سألته عن أسباب الخلاف وما هي العقدة التي تمنع رأب الصدع وتعيد الجميع إلى طاولة الحوار لمناقشة كل الخلافات والاختلافات؟ أمير الكويت كشف لدى رده على سؤالي بوضوح تام، وبشكل لا لبس فيه، عن مفاجأتين كبيرتين: الأولى أنه لم يكن هناك أي خلاف بين دول الخليج قبل الأزمة، أي يومين فقط من بدء الأزمة الخليجية التي دشنت باختراق وكالة الأنباء القطرية. أما المفاجأة الثانية والخطيرة فهي كشفه عن إيقاف تصعيد عسكري كاد أن يحدث. هذا الأمر أفزع الجميع، لاسيما أنه ورد ضمن تصريح على لسان أمير الكويت. هل كانت هناك نية مبيتة لغزو قطر أو استخدام القوة العسكرية تجاه قطر وشعبها؟ بعد أقل من ساعة من انتهاء المؤتمر الصحفي لأمير الكويت، أصدرت دول الحصار الأربع بيانا «تأسف» فيه للتصريحات التي أدلى بها الشيخ صباح الأحمد. هذه المفردات ليست معتادة بين حكام الخليج وكانت مستغربة جداً. لقد اختارت الكويت أن تكون وسيطا نزيها في حل الخلاف بين الأشقاء، وقد أيدها في ذلك كثير من دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. فمنذ الساعات الأولى للأزمة الخليجية، لم تهدأ محركات طائرة أمير الكويت وهي تتجول في سماء العواصم الخليجية وتحط في مطاراتها محاوَلةً لرأب الصدع وتقريب المسافات وإعادة العلاقات وإيقاف التصدعات.
تركت فارس محتارا في أمره، يهز رأسه ويتمتم بصوت خافت «الله كريم، الله كريم»، بعد أن استأذنته في الدخول إلى الطائرة. حصار قطر فجر العاشر من رمضان، كان خبرا صادما لم تستوعبه الشعوب الخليجية والعربية؛ فهل يُعقل إقفال الحدود البرية والجوية والبحرية في وجه الشعب القطري الشقيق في نهار شهر رمضان!؟، هكذا تساءل الخليجيون. ثم ما الذي حدث حتى يفرض حصار على دولة قطر، وماذا فعلت حتى تعاقب بهذا الشكل، ولماذا لا يتم كشف المبررات للخليجيين ليقتنعوا بهذا الفعل الذي أقدمت عليه دول الحصار؟ هذه الأسئلة وكثير غيرها كانت تتردد على ألسنة الخليجيين، ولم تكن هناك إجابات شافية ومقنعة من قبل دول الحصار لإيقاف سيل التعاطف الشعبي الخليجي والعربي بل والدولي مع قطر وشعبها. أمير الكويت الراحل الشيخ صباح (رحمه الله وغفر له) أجاب على هذا السؤال عند قرابة الواحدة ظهرا بتوقيت واشنطن (التاسعة مساء بتوقيت مكة المكرمة)، عندما طرحته عليه أثناء وجودي في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده رفقة الرئيس السابق دونالد في إطار تغطيتي لزيارته إلى 2017 ترمب، يوم السابع من سبتمبر واشنطن موفدا من قناة الجزيرة.
، وعقارب الساعة تقترب من الرابعة 2017 ثاني أيام عيد الفطر عام فجرا، كنت أقود سيارتي على الخط السريع باتجاه مطار الكويت للحاق بموعد الطائرة القطرية المتجهة إلى مدينة صلالة العمانية لقضاء إجازة قصيرة مع أحد الأصدقاء، والعودة سريعا لمتابعة تداعيات الأزمة الخليجية. في قاعة المغادرين، وفي انتظار صعود الطائرة، جلس بجانبي شاب قال لي وبدون مقدمات: -متى تنتهي هذه الأزمة؟ هل سينجح الشيخ صباح في حلها؟ -صعب الإجابة على سؤالك، لكني أتوقع أن عمرها لن يكون قصيرا. هكذا أجبت سؤال «فارس»، الشاب السعودي الذي تبين لاحقا، ومن خلال حديثي معه، أن له قصة مؤلمة أختصر لكم جوانب منها. فارس كان قد حدد موعداً لزواجه من فتاة قطرية بعد عيد الفطر، لكن الأزمة أوقفت حلمهما، وهددت بنسفه، لذلك هو مسافر لإقناع زوجته وأهلها بعدم التعجل في اتخاذ أي قرار قد يضر بزواجه، لاسيما بعد صدور قرار سعودي يمنع دخول زوجته القطرية إلى المملكة ولا يسمح للمواطن السعودي بالإقامة في قطر.
133
132
Made with FlippingBook Online newsletter