الضغوط لا تثنينا
-وفقا لمصادر خاصة- إلى مطالبتها –بإغلاق المكتب وعدم السماح له بالتغطية. حين فشلت محاولات إغلاق مكتب قناة الجزيرة لأسباب عدة، بدأ التحريض على العاملين فيه للتأثير في تغطية الحدث، وهو ما لم نلتفت إليه أو نضع له اعتبارا في عملنا الصحفي الذي حرصنا فيه على إبراز الرأي والرأي الآخر، وهو ما سرنا عليه طوال سنوات الأزمة الطويلة حتى يوم المصالحة الخليجية الذي كنّا من أعلن فيه عن بيان المصالحة الخليجية قبل كل وكالات الأنباء، في سبق صحفي أفرح الجميع. اتصل بي مصدر ليبلغني 2021 قبل غروب شمس الرابع من يناير بالخبر الذي ينتظره الخليجيون والعرب في كل مكان: انتهت الأزمة وسيصدر بيان بعد قليل على تلفزيون دولة الكويت. بتلك الكلمات تحدث إليّ المصدر. وبالفعل انتهى الخلاف وطويت الأزمة الخليجية وبقيت تداعياتها وتأثيراتها شاهدة على فعل لم يتوقع حدوثه أكثر المتشائمين أو الكارهين لشعوب الخليج وأنظمته. توفي عراب الوساطة وشيخ الدبلوماسية -كما يسمى في بلاده- أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد رحمه الله، ولم يحضر مصالحة الأشقاء. إنه الأمر الذي كان يتمنى رؤيته وسعى حثيثا إليه، وكأنه يعلم بأنه في سباق مع القدر. بالفعل، في آخر المشوار نجحت وساطته لكنه لم يكن موجودا على طاولة الصلح. الصلح الذي تسلم زمامه ومشعله خلفه الأمير الشيخ نواف الأحمد، الذي سعى بكل قوة إلى إكمال
الجهود الكويتية لم تتوقف رغم تعرض الكويت وأميرها وبعض أعضاء حكومتها ووساطتها للتجريح وحملات استهداف منظمة لإفساد الوساطة أو التأثير عليها. لكن كل ذلك لم ينجح في استفزاز الوسيط الكويتي أو حرفه عن مساره الساعي إلى التوفيق بين الأشقاء حكومات وشعوبا. فشلت كل محاولات دفعه للتخلي عن الوساطة. آنذاك، قال لي أحد المقربين من أمير الكويت ومن فريقه الذي يعمل معه في تفكيك طلاسم الأزمة، حين قلت إن هناك حملات بين الوقت والآخر تجاه الكويت، رد بابتسامة مليئة بالثقة: «جلدنا سميك لا يتأثر بمقال أو أقوال» ، كانت تلك العبارة دليلا على صمود كويتي وإيمان بأن الحل قادم وإن تأخر، وهذا ما تحقق أخيرا. مكتب الجزيرة في الكويت تعرض لضغوط منذ اللحظات الأولى للأزمة. لقد عملنا بشكل استثنائي، بمهنية وموضوعية، لمتابعة تداعيات الحدث، ما عرضنا لمحاولات وضغوط لإغلاق المكتب وقطع صوت الشعب الكويتي الذي كانت أغلبيته العظمى تعارض هذه الأزمة وغير مقتنعة بمحركاتها وأسبابها. استقبل مكتب الجزيرة الكثير من المحللين الكويتيين الذين كان لصوتهم دور في تصويب بعض الممارسات الخاطئة لدول الحصار، والمطالبة بسرعة إنهاء الحصار وتحييد الشعوب عن الأزمات، وحصر الأزمة في نطاقها السياسي. لذلك سبّب مكتب الجزيرة وحياديته في نقل الأحداث والأخبار المتعلقة بهذه الأزمة واستقباله لعدد كبير من الضيوف الذين يظهرون على شاشتها يتحدثون بكل شفافية وموضوعية، سبّب على ما يبدو استفزازا كبيرا لدول الحصار، ما دعا
أما على المستوى الشخصي، فآمل أن تكون المصالحة قد جمعت الشاب السعودي فارس بزوجته القطرية، فما سببته الأزمة من شقاق لم تتحمله كثير من العائلات الخليجية، لقد كان الشرخ عميقًا ومعالجة آثاره لن تكون هينة.
الطريق واستمرار الجهود كي تحقق الوساطة هدفها لإنهاء الخلاف، وهو ما حدث، لتطوى صفحة سوداء من تاريخ المنطقة.. عادت المياه إلى مجاريها وانتهى الانسداد السياسي في جدران الأزمة، لكن لا تأكيدات أو ضمانات بعدم تكرار الخلاف وحدوثه مرة أخرى بين الأشقاء.
135
134
Made with FlippingBook Online newsletter