كورونا في ووهان
ما زلت أذكر ليلة التكليف جيدا: لا وقت لحزم الأمتعة، بل الأهم شراء أكبر عدد ممكن من البدلات الطبية الواقية والنظارات والكمامات. وعلى عجالة ألقيت بكل ما وجدته في البيت من مواد غذائية وعلب المكرونة الصينية سريعة التحضير في حقيبة السفر. فكل المحال والمتاجر مغلقة في ووهان ولم نكن نعلم متى سنخرج منها، إذ سمحت السلطات الصينية بالدخول إليها وأبقت على قرار منع الخروج منها إلى أجل غير معلوم. أعتبر نفسي محظوظة بفرصة تغطية الوباء من بؤرة تفشيه. لقد علمتني هذه التجربة قيمة الإنسان في عملنا الصحفي، ورسالتنا تكمن في إيصالها بأمانة للمشاهد أينما كان. ستبقى كل القصص الإنسانية التي عايشناها في ووهان وسلطنا الضوء عليها في تقاريرنا محفورة في ذاكرتي ما حييت.
واتصلت بالإسعاف لكنهم رفضوا القدوم بعد أن علموا أنها متقدمة في السن، فالمستشفيات تعج بالمصابين وقد تنتقل إليها العدوى من هناك. سهرت على رعايتها لأيام حتى تحسنت حالتها. خضعت لتأتي النتيجة سلبية. هي الآن في صحة 19 بعدها لفحص كوفيد جيدة ولم تكتشف بعد أنها مصابة بالسرطان...» لقد تركت تجربة تغطية الوباء من داخل ووهان أثرا عميقا في نفسي. فعند تكليفي بالمهمة لم أكن أعلم أننا سنكون أول فريق تلفزيوني يصل المدينة المنكوبة. كان تركيزي منصبا على ضمان سلامة طاقم العمل قبل كل شيء.
وفي قصة «وو لاي» ربّ ضارّة نافعة، فقد أصيبت جدته التسعينية بأعراض برد أشبه بأعراض الإصابة بالفيروس. وكان «وو» قد عاد إلى بيتها عندما لم يتمكن من الخروج من المدينة. الجدة تعيش بمفردها وتعتمد على مدبرة منزلية كانت تزورها قبل الإغلاق. قال «وو»: «جدتي مصابة بالسرطان لكنها لا تعلم بذلك، قررنا إخفاء الأمر عنها خوفا من تدهور حالتها الصحية. وتقوم مدبرة المنزل بإعطائها الأدوية مع أدوية أخرى لعلاج السكري. عندما ظهرت عليها أعراض الرشح وآلام في المفاصل والعضلات انتابني القلق
171
170
Made with FlippingBook Online newsletter