في نيويورك: الشارع لمن؟
بل في العالم بأسره. وتبنت هذه الكلمات حركة «حياة السود مهمة» إثر مقتل رجل أسود على يد الشرطة. 2014 التي تكونت في العام وفي حالة مماثلة قُتل إيريك غارنر إثر اعتقاله لبيع السجائر غير الخاضعة للضريبة، إلا أنه لم يتم توجيه الاتهام مطلقاً ضد الشرطي المتورط في الحادثة. أجرينا مقابلات مع قادة حركة «حياة السود مهمة» الذين لم تمنعهم الجائحة من مواصلة المسيرات والمظاهرات، وظلوا يحملون لافتات تذكرنا بمن لقي حتفه من السود في ظروف مشابهة. حظيت هذه المظاهرات بتأييد واسع ليس فقط في نيويورك ولكن في عموم البلاد، رغم بعض حالات النهب والتخريب التي وقعت على هامش تلك المظاهرات. كما شارك آلاف الناس، الكبار قبل الشباب، والبيض قبل السود، في جنازة جورج فلويد بجانب أسرته ومسؤولي المدينة. وطالب كل من أجرينا مقابلات معهم بإحداث تغييرات جذرية في النظام وإمكانية ذلك، لاسيما بعد التبعات الكارثية للجائحة.وبعد عام كامل من جلسات المحاكمة، أدين ديريك شوفين بجريمة القتل العمد وعاد المتظاهرون إلى الشوارع هذه المرة للتعبير عن فرحتهم. وبفعل المخاوف من الشعبوية والعرقية التي أثارها دونالد ترامب، إضافةً إلى عجزه عن التصدي للجائحة، تمكن المرشح الديمقراطي جو بايدن من الفوز بالسباق الرئاسي.
وكغيرنا من مراسلي القنوات التلفزيونية، أصبحنا نتواصل ونرسل تقاريرنا الإخبارية عبر تطبيقات الإنترنت. ولأن الجزيرة تضع مشاهديها في قلب الحدث، خاطرنا بأنفسنا وانطلقنا لنبث تقريرا مباشراً من أمام مشرحة مؤقتة في أحد المستشفيات تفتقر لأبسط شروط الوقاية من الفيروس. وبالإضافة إلى الأرواح التي أزهقتها الجائحة، خسر الكثيرون وظائفهم. ركزت الشركات على تسويق منتجاتها عبر الإنترنت، وتحولت شركات أخرى إلى التجارة في أدوات الوقاية من الفيروس. أغلقت بعض المطاعم والمقاهي أبوابها بصورة نهائية. وقد يستغرق الأمر سنوات لتعويض خسائر قطاعي التعليم والصحة. الأمر المؤكد هو أن الأقليات في المجتمع الأمريكي تكبدت القدر الأكبر من الخسائر، سواء من حيث الرعاية الصحية أو فقدان الوظائف. ولم يستغرب العالم مشهد الضابط الأبيض في مينيسوتا وهو يضغط بركبته بكل هدوء على رقبة رجل أسود حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وما تبع ذلك من مظاهرات عمت أرجاء البلاد. ففي نيويورك وحدها، خرجت المظاهرات والمسيرات اليومية عبر المقاطعات الخمس للولاية إلى أن تم أخيراً توجيه الاتهام ضد الضابط ديريك شوفين وبدأت محاكمته لارتكابه جريمة القتل العمد ضد جورج فلويد. لقد كان لمقتل جورج فلويد صدىً كبير، وباتت كلماته الأخيرة «لا أستطيع أن أتنفس» صرخة مدوية ليس في ولاية نيويورك وحدها،
قد يقول البعض إنهم عمّقوا الفجوة السياسية في البلاد، ولكن في نيويورك، ظهرت حشود جديدة من المتظاهرين بصيحات ومطالبات أخرى: «الشارع لمن؟ الشارع لنا.»
191
190
Made with FlippingBook Online newsletter