علىشفير الموت
هذا الجندي لم يصدق أننا ضللنا الطريق وأننا لا ننتمي لأي طرف في النزاع. لذلك قام باحتجازنا وصادر معدات التصوير. ولأنني سودانية فقد طلب الجندي مني أن أفسر له سبب وجودنا في هذا المكان في هذا التوقيت. تجدر الإشارة إلى أن جنوب السودان تتصدر قائمة الدول التي تقمع حرية التعبير، وقُتل عشرة صحفيين في حين هوجمت القافلة الحكومية التي كانوا 2015 نفس الولاية عام ضمنها.
علىشفير الموت مراسلة قناة الجزيرة الإنجليزية في السودان | هبة الله مورغان
وصلنا إلى نقطة تفتيش وعرفوا بأننا طاقم الجزيرة. قلنا لهم إن لدينا موعداً مع القائد، ولكنهم اقتادونا إلى مدرسة بها المئات من المدنيين. تبين لنا ساعتها أننا في معقل قوات المعارضة، وأن هؤلاء الناس هم من النازحين الذين فروا هرباً من النزاع المسلح. كانت الأمطار تهطل بغزارة، وبقي الكثير منهم في العراء بعدما اكتظ المبنى بالنازحين، وتحولت بعض الغرف إلى مستشفىً لعلاج من أُصيبوا خلال النزوح أو بالعدوى جرّاء الأوضاع الصحية المتردية. لم يتناول الكثير منهم أي طعام منذ أيام، وهؤلاء من جئتُ لنقل أخبارهم وسرد قصصهم في المقام الأول. طلبنا لقاء قائد قوات المعارضة، وحين تمكنا من ذلك، وجدته رجلا قصير القامة يرتدي زياً عسكرياً. كانت الجزيرة أول قناة تدخل مناطق سيطرة المعارضة. سمح لنا قائد قوات المعارضة بتصوير النازحين، وقدم لنا روايةً لما يجري في الولاية من منظوره الخاص، أي من منظور المعارضة. أنهينا اللقاء وسارعنا في المغادرة. بعدما خرجنا من (واو) عاد إرسال الهاتف فعاودت الاتصال بالقائد العسكري للولاية وشرحت له ما حدث بالأمس وأننا توجهنا لمكان آخر. تفهم القائد الأمر وطلب من أحد الجنود أن يرشدنا، ولكن
التحقت بالجزيرة قبل خمس سنوات، إبان تغطية الحرب الأهلية الدائرة في السودان، لأصبح أحد أعضاء مكتب الشبكة هناك. وعلى مدى هذه السنوات الخمس، كنت شاهدةً على أحداث جسام، نقلنا خلالها قصصاً مروعة لضحايا الحرب وسردنا حكايات تُظهر عزيمة الناجين من ويلاتها. ما زالت صور كثيرة تمر أمام عيني رغم مرور زمن طويل على بثها على شاشة الجزيرة. ، شرعت مع فريق الجزيرة في تغطية تبعات 2016 في أواخر العام أعمال العنف التي عصفت بإقليم بحر الغزال في جنوب السودان. وبمجرد وصولنا اتصلت بمكتب القائد العسكري للولاية للحصول على تصريح بدخول بعض مناطق الولاية وكذلك تصوير مقابلة معه. حين سألت القائد العسكري عن مكان اللقاء، رد قائلاً: «غرينتي». ولكن بسبب ضعف إرسال شبكة الهواتف سمعتها وكأنها «برينغي»، وحين طلبت من سائق السيارة التي استأجرناها أن يأخذنا إلى «برينغي»، قال إنها على بُعد ساعة تقريباً. وفي الطريق مررنا على بعض نقاط التمركز العسكرية على مشارف العاصمة واو. وبعد دقائق انقطع إرسال خدمة الهواتف المتحركة.
205
204
Made with FlippingBook Online newsletter