علىشفير الموت
لقد تعرضت للاعتقال مرات عدة، وتعرضت للاعتداءات اللفظية، ولكن كل هذه الأمور زادت من عزيمتي وصلابتي المهنية. وأصبحت قادرةً على التعامل مع المواقف الصعبة مقارنةً ببداية مسيرتي في عالم الصحافة والإعلام. خلاصة القول إنه ليس من السهل الوصول إلى من نسعى لسرد قصته أو نقل صوته إلى العالم، كما أنه ليس من السهل الحصول على الحقيقة في مناطق النزاع المسلح. ولأن الجزيرة دوماً تجعل الإنسان محور تغطيتها الإعلامية، فإن غض الطرف عن صوت هذا الإنسان ليس خياراً متاحاً أمامنا. هذا أحد أسباب سعادتي - بل فخري - للالتحاق بالجزيرة التي هي بحق «صوت من لا صوت له.»
احتجزنا الجندي وأمرنا بالجلوس على الأرض، فوجدنا زمرة من الحراس تصوب مدافعها الرشاشة صوب رؤوسنا. عاودت الاتصال بالقائد العسكري للولاية فطلب مني أن أعطي الهاتف للجندي الذي يحتجزنا. كنت أعلم أن الهاتف هو حبل النجاة الوحيد بين أيدينا، هممت بكتابة رسالة على تطبيق (واتساب) إلى صحفي زميل لأرسل له موقعنا في حال حدث لنا مكروه، وساعتها رن الهاتف، وكان القائد من جديد، وقال إنه في الطريق إلينا. انتظرنا قدوم القائد لدقائق ثم لساعات. وأخيراً ظهر القائد العسكري في سيارته. أعاد لنا الكاميرا والشريط الذي يحمل ما جمعناه من قصص حول النازحين، وطلب منا العودة مباشرةً إلى الفندق. لقد كان فريق الجزيرة بكاملة قاب قوسين أو أدنى من الموت، كُنا سنُقتل بدمٍ بارد. وإلى يومنا هذا ما زالت هذه الصور تمر أمامي بين الفينة والأخرى.
207
206
Made with FlippingBook Online newsletter