مليار ونصف مليار قصة تستحق أن تروى
بالمنازل لثلاثة أشهر. حوصر هناك زميلنا المصور (بينغ بينغ) الذي ذهب لزيارة أهله في أسبوع عطلة رأس السنة الصينية. أصبحت الأخبار السيئة بإصابة قريب أو فقدان عزيز أمراً معتادا كل يوم، وانتاب الناس رعب ممزوج بالغضب، ومللٌ مشوب بالترقب والقلق. ومع انحسار الجائحة شيئاً فشيئاً، دخلت الصين في عاصفة جديدة، هذه المرة بصبغة سياسية. ففي يوليو وبفعل قانون الأمن الوطني، فقد مواطنو هونغ كونغ حقهم في التجمع أو التظاهر ضد القوانين الصينية. وزُج بمئات الناشطين المطالبين بالديمقراطية في السجون، وفرّ آخرون إلى خارج البلاد. تركزت أنظار العالم على الصين أكثر من ذي قبل، ووجه اللوم والانتقاد إلى بيجين من كل حدب وصوب، ليس فقط بشأن الفيروس والوضع في هونغ كونغ، ولكن أيضاً بسبب الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان ضد مسلمي الإيغور، وموقف الصين من تايوان، وتحركاتها في بحر جنوب الصين إضافةً إلى ممارساتها المتعلقة بالتجارة. وتزعمت الولايات المتحدة حملة عالمية تضغط على بيجين لتقديم إجابات حول كل هذه التصرفات. في الوقت ذاته، حافظ فريق العمل لدينا على جاهزيته. وأثناء كتابتيهذه السطور، أصبحتالصين، دولة القبضة الحديدية للحزب الواحد، في موقفلا تُحسد عليه. إلا أن بيجين تواصل عنادها المعتاد. بل على العكس، باتت أكثر تشدداً في تصرفاتها. وتعززتسلطة وصلاحيات الرئيسالصيني «شيجين بينغ» يوماً بعد يوم.
مليار ونصف مليار قصة تستحق أن تروى مراسلة الجزيرة الإنجليزية في الصين | كاترين ميتشيل يو
العالم كله يراقب الصين وهي تدخل هذا الإغلاق المرير. بعدها انتشر الفيروس في جميع دول العالم. كل هذا حدث خلال أول سنة أعمل فيها مراسلة لقناة الجزيرة الإنجليزية في الصين، ومع تغطيتنا لتبعات الجائحة، كانت أعداد ضحايا الفيروس في تصاعد مخيف، مع مزيد من القيود والإجراءات القسرية. بعدها بأيام أغلقت الحدود البرية والجوية تزامناً مع إجراءات الحجر الصحي المفروضة. وأصبحت فجأةً أتواصل مع أهلي في مقاطعة خوبي، بؤرة تفشي الفيروس، عبر مكالمات الفيديو، بعد أن فرضت علينا الإقامة الجبرية
صباح الاثنين، وشوارع بكين خالية تماماً من أي حركة! لأول مرة أرى العاصمة الصينية بهذه الحالة، فعدد سكان هذه المدينة وحدها يفوق إجمالي عدد سكان قارة أستراليا. لم تكن العاصمة الصاخبة ذات الكثافة السكانية الأعلى في العالم بهذا السكون القاتل من قبل. إنها الجائحة التي غيرت شكل كوكب الأرض. ففي مطلع فبراير ، أحكم الفيروس قبضته على الصين كلها، واحتجب الناس داخل 2020 منازلهم طوعاً أو كرهاً. لم نكن نعرف الكثير عن هذا الفيروس الذي وصفوه «بالعدو الخفي»، وحصد أرواح الآلاف في مدينة ووهان.
209
208
Made with FlippingBook Online newsletter