AJ 25th Book.

الوجه الحقيقي للقارة العجوز

قال جافيد: «اعتدى أعضاء حزب الفجر الذهبي والموالون له على أكثر من ألف عامل مهاجر.» ، تعرض عامل مزرعة باكستاني يُدعى 2017 وفي إبريل من العام عاماً، هو الآخر للضرب المبرح من 49 لطيف بت ويبلغ من العمر قبل عنصريين مسلحين حتى فقد وعيه. اصطحبنا «نيك باليولوغوس» المصور اليوناني الذي يتابع تغطية القضية منذ فترة، إلى القرية حيث تعرض لطيف للاعتداء. وجدنا لطيف يعيش في كوخ خشبي مغطى بالبلاستيك. حمل لطيف هاتفه وعرض علينا صورة له والدماء تسيل من وجهه عقب الاعتداء عليه. يقول لطيف: «في أول مرة تعرضت للاعتداء، رفض المستشفى علاجي لأنني لا أحمل أوراقاً ثبوتية. أخذوني بعدها إلى قسم الشرطة وهناك احتجزت لثلاثة أيام». أخبرنا «نيك» أن لطيف بعد هذا الاعتداء أصبح يعاني من إعاقة مستديمة بخلاف الصداع المزمن والتلعثم في الكلام، وبالتالي لم يعد قادراً على العمل بصورة طبيعية. بعد لقائنا بلطيف بأيام، توجهت مجموعة من المتطرفين إلى حيث يسكن لطيف في محاولة للاعتداء عليه مجدداً. قصة لطيف وغيره من العمالة المهاجرة، تذكرني بسؤال يخطر على بالي دائماً: «كيف يمكن أن يكون العالم بهذا الظلم وهذه القسوة؟».

على الفور اتصلت به لأسأله عن شعوره فكان جوابه: «حين سمعت النطق بالحكم، انفجرت بالبكاء. أشعر أن عملنا جميعاً كصحفيين حقق نتيجة على الأرض.» وهذا هو ذات الشعور الذي يدفعنا إلى مواصلة العمل دون كلل أو ملل، لتبقى الجزيرة بحق «منبر من لا منبر له.»

وبعد بث الفيلم بستة أشهر فقط، تلقيت رسالة من أحد الأشخاص الذين أجرينا معهم مقابلات يشكرني على ما بذلناه من جهد، ويخبرني أن الوثائقي قد آتى ثماره، فبعد مشاركته في الوثائقي تم تسريع إجراءات طلبه وحصل على تصريح إقامة في اليونان. وبات بمقدوره الآن العمل بصورة قانونية والعودة إلى موطنه في باكستان ليرى زوجته وطفله. بعدها بعام، أدانت المحكمة حزب «الفجر الذهبي» بتهمة إدارة منظمة إجرامية وعوقب قادة الحزب بالسجن. كانت هذه أشهر محاكمة ذات طابع سياسي في اليونان منذ عقود، كما ذكر لنا المصور «نيك».

هذا السؤال كنت أسأله لنفسي من قبل، وهو ما دفعني في النهاية إلى أن التحق بالجزيرة، لأنها في المقام الأول تضع المهمشين والمستضعفين في جوهر تغطيتها، وتنقل الحقيقة وتتحدث بمصداقية. بعد العودة إلى الدوحة، عزمت على أن يكون لهذا الوثائقي صدى بحيث يحدث الفارق في حياة الأشخاص الذين التقيناهم وقمنا بسرد معاناتهم.

245

244

Made with FlippingBook Online newsletter