صوت المنسيينفي الأرض
حققت لجان (حرس السكان الأصليين) نجاحاً كبيراً لدرجة أنها حصلت على «جائزة السلام الوطني» التي ترعاها الأمم المتحدة، كما أصبحت مثالاً احتذاه كثير من الجماعات العرقية في كولومبيا التي بدورها كونت لجاناً مماثلة. وتظل هذه اللجان إلى يومنا هذا آلية الدفاع الشعبية عن مناطقها من أي معتد. إلا أن الذي لم يتغير هو حجم التهديدات والاعتداءات. نزع سلاح 2016 كان من بين مضامين اتفاق السلام الموقع عام متمردي (فارك) ووقف الأعمال العدائية، إلا أن المواجهات المسلحة عادت من جديد. لقد عجزت الحكومة الكولومبية عن ملء الفراغ الذي تركه المتمردون، والذي شغلته عصابات إجرامية حديثة، وجماعات شبه عسكرية جديدة. كما أن المتمردين المنشقين كونوا جماعات جديدة للسيطرة على طرق تجارة المخدرات وإخضاع مناطق أخرى لنفوذهم. وبهذا تركوا شعب (ناسا) وحيداً يناضل بمنهجه السلمي أمام التهديدات المستمرة لأراضيه والاعتداءات المتكررة على كرامته. ها هي الجزيرة من جديد، تثبت للعالم أنها ترفع صوت المهمشين من أي بقعة في العالم، لتظل الجزيرة بحق «منبر من لا منبر له.»
لا يشكل العمر أو الجنس شرطاً للتطوع في لجان (حرس السكان الأصليين) التي تتبنى خيار السلمية في بلد مدجج بالسلاح، ليس بدافع فلسفي أو أيديولوجي، بقدر ما هو قرار عملي. لقد تبين لهم أن الدفاع المسلح، الذي سبق وأن جربوه، لن يؤتي ثماره، وأن المزيد من السلاح لن يجلب سوى المزيد من الدماء. حين قام متمردو (فارك) 2004 ظهرت هذه اللجان أول مرة في عام باختطاف عدد من شيوخ شعب (ناسا)، فنهض متطوعو لجان (حرس السكان الأصليين) لنجدتهم وانتشروا في الأحراش. نجح أفراد الجماعة في العثور على المختطفين في قلب الأحراش بعد نحو عشرين يوماً من البحث، وتمكنوا من تحريرهم دون إراقة دماء.
أهل المنطقة بالانحياز إلى الجانب الآخر. قُتل مئات القرويين على إثر ذلك. ورداً على ذلك، قام شعب (ناسا) بتأسيس (حرس السكان الأصليين) لتكون بمثابة لجان شعبية ودوريات لحماية أهل المنطقة. يتلقى المتطوعون تدريبات بسيطة، أما العصابة الحمراء والخضراء التي يعتمرونها فترمز إلى الدم الذي ضحوا به والأرض التي يناضلون من أجلها. في حين أن العصا الشعائرية تمثل رمزاً أكثر من كونها سلاحاً.
يحتدم الصراع بصورة وحشية في هذا الجزء من البلاد تحديداً، حيث هجمة 500 تعرضت بلدة (توريبيو) مقر القائد (لوتشو) لأكثر من عسكرية خلال الفترة التي سبقت توقيع اتفاق السلام بين الحكومة .2016 ومتمردي (فارك) عام الهجمات المتكررة والسيارات المفخخة وعمليات التفجير أتت على الأخضر واليابس، وجهود التعمير وإعادة البناء لم تر النور بسبب استمرار القتال. ، أصبح سكان هذه المنطقة بين فكي الرحى: الجماعات 2001 في عام اليمينية المسلحة وجماعة (فارك) اليسارية. وكلا الجانبين يتهم
293
292
Made with FlippingBook Online newsletter