صوت يستغيث
قال لي: من أين حصلت على رقم هاتفي؟ قلت له من قريب لك. قال: تفضل ما ذا تريد الجزيرة مباشر مني؟ قلت له أنا أتحدث معك بصفتي الشخصية وهذا رقم هاتفي الخاص، وأريد أن أبذل مساعي حميدة لإصلاح ذات البين بينك وبين أولادك، فلذات كبدك، وهم سندك عندما تحارب بهم الظروف الصعبة يوم يهن العظم منك ويشتعل الرأس شيبا، وقد بلغني أن سبب الخلاف ضيق ذات اليد، وأطلب منك أن لا تحمل هم مستلزمات أبنائك الدراسية، فأنا ملتزم بتوفيرها، وكل ما أطلبه منك هو أن تفتح لأبنائك الأبواب وأن تمنحهم عطفك وحبك. تردد الرجل في قبول طلبي، لكنني واصلت الحديث معه بالتي هي أحسن حتى قرر فتح باب شقته لأبنائه.
صوت يستغيث مشرف أخبار في قناة الجزيرة مباشر | الدكتور محمد الحميري
لم أرد أن أخيب أملها لأنها ربما تعلم أن الجزيرة، منذ إطلالتها على ، تنحاز دائما إلى الإنسان وتسمع صوت 1996 المشاهدين في العام المقهورين والمظلومين، وأن الجزيرة مباشر منذ انطلاقتها في العام أصبحت صوت من لا صوت له، تفتح كل خطوط الهاتف 2005 ليتحدث المشاهدون على الهواء، واعتمدت بث الرسائل القصيرة على شاشتها كأول قناة للواقع الإخباري. لكن هذه الحادثة كانت بالنسبة لي فريدة من نوعها. فقد كان بإمكاني أن أوجه هذه المرأة للذهاب إلى قسم الشرطة أو محكمة الأسرة التي تتكلف عادة بمثل هذه القضايا. حاولت أن أهدئ من روعها وقلت لها: هل يمكنني أن أتصل بزوجك وأبي أولادك؟ فقالت إنه لا يمكن أن يردعه اتصال ولن يحل المشكلة سوى وصول صوتها إلى الرئيس. قلت لها دعيني أحاول معه. ترددت قليلا ثم أملتني رقم هاتفه، وعلى الفور اتصلت بزوجها وعرفته بنفسي وبأنني أعمل في قناة الجزيرة مباشر. رحب وبدا أنه فرح بالاتصال ووجدتني أبادله الشعور نفسه لأن ذلك سيساعدني في مهمتي.
في زحمة الانشغال بنقل وقائع حدث كبير وهو انهيار منجم كوبيابو عاملا تحت الأرض بعمق 33 بصحراء أتاكاما بشمال تشيلي، وحبس يوما، حدث أفردت له قناة الجزيرة مباشر تغطية 69 متر لمدة 700 خاصة استمرت لساعات طويلة حتى خروج آخر عامل من المنجم ، في هذه الأثناء يرن جرس 2010 يوم الأربعاء الثالث عشر من أكتوبر هاتف مكتب الإنتاج بالقناة وعندما رفعت السماعة إذا بصوت امرأة من دولة عربية تستغيث وتقول أنا وأولادي بدون مأوى وتريد من الجزيرة مباشر أن تهتم بمشكلتها التي تراها أهم من حدث منجم تشيلي الذي نغطيه. فكرت كيف يمكن أن أنهي المكالمة معها نظرا لانشغالي بأمر أهم على الهواء. لكنني قلت في نفسي هذه المشاهدة لم تتذكر رقم هاتف الشرطة المجاني في بلادها المكون من أرقام ثلاثة، وكلفت نفسها بأن تتصل برقم دولي وتدفع مقابل ذلك مبلغا ماليا ربما تكون في أمس الحاجة إليه. أمعنت التفكير قليلا ثم قلت لها تفضلي، كيف يمكن أن نساعدك؟ قالت أريد من الجزيرة مباشر أن تبث مناشدتي لرئيس البلاد لكي يتدخل، لأن زوجي أخرجني مع أولادي من المنزل عنوة وأوصد الأبواب في وجوهنا رغم أنني طلبت منه شيئا بسيطا عبارة عن مستلزمات مدرسية لأبنائه، وها أنا الآن مع أولادي الثلاثة في الشارع وليس لي من ركن رشيد آوي إليه إلا الجزيرة مباشر.
299
298
Made with FlippingBook Online newsletter