شطائر «تاكو» بطعم البارود
حمل هذه الشعلة المضيئة، برسالة الجزيرة ورؤيتها نحن بالطبع لا نغض الطرف عن ممارسات العصابات وجرائمها، فهي جزء لا يتجزأ من تغطياتنا، بدءًا من أعمال العنف ووصولاً إلى أنشطة تصنيع وتجارة المخدرات، جنباً إلى جنب مع الجهود التي يبذلها الساسة وقوات الأمن المكسيكية لمكافحة هذه الجائحة. ونركز في تغطيتنا بالمكسيك أيضـاً على الأمهات الثكالى اللاتي فقدن فلذات أكبادهن مع اندلاع حرب العصابات، وما زلن يحفرن في جنبات قرى وبلدات المكسيك أملاً في العثور على رفات أولادهن.
شطائر «تاكو» بطعم البارود مراسل قناة الجزيرة الإنجليزية في المكسيك | جون هولمان
كانت غايتنا الأولى الوصول إلى سكان البلدة المحاصرين لسرد معاناتهم. ومن هناك، نقلنا للجمهور كيف فقدَ دانيال وغابريلا جدهما الذي يعاني من قرحة المعدة بعد أن عجزا عن نقله للمستشفى، وكيف أصبحت أسرة ألفونسو وماريا على شفير الإفلاس بعد عجزهم عن تأمين مصدر رزقهم الوحيد، مطعم وجبات التاكو المكسيكية. ونقلنا كذلك معاناة فيرناندو، المدرس الذي تجرأ وأبلغ محافظ الولاية عن الجرائم التي ترتكبها العصابات. هذه هي الجزيرة كما عهدناها وعهدها جمهور المشاهدين، تضع الإنسان في بؤرة اهتمامها، لتوصل صوته، وتسرد حكايته، وتنقل معاناته. فالجزيرة بحق هي (منبر من لا منبر لهم). أولويتها دائما للإنسان، على رغم أن التركيز على تلك العصابات قد يحقق لها أعلى معدلات المشاهدة على الإطلاق. ولكن تبقى الجزيرة دائماً أمينة لرسالتها، وفيةً لمبادئها، ويبقى الإنسان وقضاياه البوصلة التي تهتدي بها في مسيرتها. تلك المبادئ هي التي قادتني للعمل مع الجزيرة، وهي التي دفعتني حين دخلت مكتبها في المكسيك لأول مرة، قبل اثني عشر عاماً. حينما كنت ذلك المتدرب المتحمس الجديد. ومع مرور السنوات، كنت أنا وزملائي بالمكتب نزداد كل يوم عزماً على مواصلة
كانت سيارتنا تشق طريقها وحيدةً عبر إحدى هضاب ولاية ميتشواكان الساحلية، جنوب غربي المكسيك. ثقوب طلقات الرصاص جعلت اللافتات على امتداد الطريق لافتات غير مقروءة. ويمكن ) منقوشة على الأسفلت. كل هذه C J N G( بوضوح قراءة الأحرف مؤشرات تحمل دلالة واحدة: لقد دخلنا أراضي عصابة خاليسكو الإجرامية. بلدة أغويليلا الواقعة في نهاية هذا الطريق الجبلي كانت هي وجهتنا، ولكن المشكلة الأكبر أن البلدة واقعة بين فكي رحى: عصابة خاليسكو من جهة، والعصابات الموحدة المعروفة باسم (المقاومة) من الجهة الأخرى. يقبع سكان البلدة تحت وطأة حصار خانق طال أمده وتفاقمت تبعاته. خمس ساعات مضت ونحن نشق غبار الطريق، مررنا خلالها على ثلاث نقاط تفتيش تابعة لعصابة (خاليسكو). عند إحداها، حصلنا على مقابلة حصرية مع قائد المجموعة المكلفة بالحراسة، الذي توسط أفراد عصابته ليسرد علينا أسباب الحرب الدائرة هنا منذ عقود. مقابلة غير مألوفة على شاشات التلفاز، نرى فيها رجالا مقنعين، يحملون المدافع الآلية ويرتدون أحزمة الرصاص وسترات القنابل اليدوية، وخلفهم شاحنات مزركشة بآثار طلقات الرصاص.
303
302
Made with FlippingBook Online newsletter