AJ 25th Book.

زلزال هزّ مشاعرَنا قبل أرضِنا

زلزال هزّ مشاعرَنا قبل أرضِنا مراسلفي قناة الجزيرة بلقان | مارين فيرشيتش مصور في قناة الجزيرة بلقان | نينو جورجيتش

ومع البث المباشر التالي لنا، ضربت هزة ارتدادية المنطقة مجدداً. ساعتها انتابني الذعر مجدداً ولم أستطع التركيز على ما أقول شعرت بأن أهلي وزملائي يحاولون الاطمئنان علينا، لأجد نفسي أردد دون وعي: «أنا بخير، نحن بخير... كل شيء على ما يرام حتى الآن». ربما كانت عبارات لأهدئ من روعي. انتشر هذا المقطع كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الشبكات الإخبارية على الإنترنت. أعتقد أن أجمل اللحظات هي تلك التي تُسجل بعفوية ودون ترتيب مسبق. عاودنا البث المباشر من جديد، بعدما علمنا أن سكان جزيرة براش قد عرضوا إيواء العائلات المتضررة الذين فقدوا منازلهم بفعل

كان يوماً عادياً كأي يوم نقضيه في تغطية الأخبار في منطقة بانيجا وسط كرواتيا. وبعد بث حي مقتضب في الظهيرة، هرعت أنا وزميلي المصور نينو جورجيتش للحاق بالمؤتمر الصحفي لعمدة مدينة بترينجا. فجأةً وبدون سابق إنذار، راحت الأرض تهتز بعنف من تحت أرجلنا. بدأت الجدران والأسقف تنهار، ليدب الرعب في قلوب الجميع. صرخت بذعر في وجه المصور طالبا منه أن يشغّل الكاميرا، ولكن لم يكن هناك داعٍ للصراخ، فقد بدأ بالفعل التصوير رغم هول ما يجري. لقد سجلنا لحظات غيرت مجرى حياة كل فرد يعيش في مقاطعة سيساك-موسلافينا. تعرضت نصف أبنية البلدة لدمار كامل، وهشمت أنقاض المباني السيارات في الشوارع المحيطة بنا. تصاعد الغبار في سماء المدينة لفترة، قبل أن يهدأ كل شيء. حاولنا استيعاب ما جرى، لقد كنا في درجات على مقياس ريختر. 6.2 مركز زلزال بلغت قوته هرعت فرق إطفاء كاملة إلى المكان، وهناك من يشير إلى منطقة من الركام يحتجز فيها أبٌ وابنه في سيارتهما العالقة تحت الأنقاض.

تمكن أهل الحي من انتشال الابن، ولكن بقى على رجال الإطفاء قطع جسم السيارة الفولاذي لإخراج والده الذي كان لا يزال محاصرا داخل السيارة. قبل أن نعاود البث الحي من عين المكان، هرع إليّ رجلٌ لا نعرفه ليخبرني أن هناك جثتين لطفلتين تحت الأنقاض في الشارع المجاور. لم يكن هناك وقت للتحقق من صحة هذه المعلومة، بل لم يكن هناك وقت للتحقق من أي شيء على الإطلاق. الكل يتخبط في حيرة وذعر في آن واحد. إلا أن الشعور الذي ساورني هو أن هناك فرصة ضئيلة للعثور على أحياء تحت الأنقاض التي خلفها هذا الزلزال العنيف. عندما وصلنا إلى المكان الذي أشار إليه الرجل، وجدنا إحدى الجثتين على الأرض مغطاةً بملاءة بيضاء. فتاةٌ في الخامسة عشرة من العمر، وبجوارها الأم تبكي بحُرقة. لم تستطع الأم أن تستوعب أن فلذة كبدها قد رحلت عن الدنيا. بعد دقائق، جاء والد الفتاة لينهار باكيا ويخرّ جاثياً على ركبتيه من هول الصدمة.

319

318

Made with FlippingBook Online newsletter