التجربة الوثائقية
التجربة الوثائقية مدير قناة الجزيرة الوثائقية | أحمد محفوظ
قناة عربية متخصصة في الفيلم الوثائقي، تعرض أفلاما وثائقية على مدار الساعة؟ كيف تصبح شاشة الجزيرة الوثائقية مختلفة ومميزة، ليس ضمن باقي القنوات العربية، بل كذلك داخل شبكة الجزيرة، لكي نضع ملامح هوية فنية مميزة للقناة الوثائقية؟ كان محورنا الثاني هو صناع الأفلام. ففي وقت تراجعت فيه صناعة الأفلام الوثائقية في العالم العربي بصورة كبيرة، كان لا بد من جذب صانعي الأفلام، من منتجين ومخرجين وحتى العاملين في الفرق الإنتاجية المختلفة، للعمل في هذا النوع من الصناعة التي تتطلب دورة إنتاجية طويلة ليصل الفيلم إلى رحلته الأخيرة ونسخته النهائية، فضلا عما يحيط بذلك من الظروف الإنتاجية الصعبة، خصوصا في العالم العربي. كان لزاما علينا تكوين شبكة من المنتجين والمخرجين يعملون لشاشة الجزيرة الوثائقية. كانت لدنيا أيضا رؤية في صناعة تيار سينمائي فتي يستثمر في المواهب الموجودة على مستوى العالم العربي، ويساهم في خلق المدرسة الخاصة للجزيرة الوثائقية وأسلوبها الخاص من عبق اللغة السينمائية الجميلة. على جانب آخر، كان لا بد من اختيار فريق عمل مبدع ومتمكن من أدوات صناعة الفيلم الوثائقي، يمكنه تحقيق تلك الرؤية والإجابة على كل الأسئلة السابقة بشكل يتعدى حدود العمل الإداري إلى
ما زلت أذكر أثناء الدراسة بالمعهد العالي للسينما ندرة المراجع في ذلك الوقت لدارسي السينما باللغة العربية، فضلا عن أن كثيرا من الكتب المتوفرة كانت عبارة عن ترجمات متخصصة أنجزها عدد من المترجمين وبعض صناع الأفلام والباحثين في السينما. ما زلت أذكر كذلك كم المشقة التي كنا نعانيها لمشاهدة الأفلام السينمائية في ذلك الوقت، سواء العربية منها أو الأجنبية، لعدم توفر المنصات والشاشات المتخصصة، والندرة الشديدة في الأفلام الوثائقية. كان ذلك عاملا هاما كان له الأثر الكبير في وضع الرؤية الاستراتيجية والرسالة العامة لقناة الجزيرة الوثائقية. عندما كلفت من طرف الإدارة العليا بشبكة الجزيرة الإعلامية بوضع رؤية تطويرية فنية وتشغيلية لقناة الجزيرة الوثائقية، كان لا بد من العمل على عدة محاور، أولها الجمهور، الذي كان أسيرا لصورة ذهنية نمطية وقاصرة عن الأفلام الوثائقية. كانت تلك الأفلام إما ناطقة باسم نظام حاكم أو في قالب دعائي، أو عبارة عن أفلام إخبارية نمطية، ثقيلة الظل أو متعالية على المتلقي العادي، فضلا عن أفلام البيئة والحيوانات. وهنا كان التحدي، كيف يمكن أن نعيد الثقة للجمهور مرة أخرى في الفيلم الوثائقي نوع سينمائي مختلف وممتع؟ كيف يمكن أن نزيد جرعة التذوق لدى هذا المشاهد؟ كيف يمكن أن ندعم الشاشة بمشاهدين لديهم هذا الشغف لمشاهدة أول
33
32
Made with FlippingBook Online newsletter