الجزيرة.. نظرة خاصة
العمر أن قرأت لأول مرة موجزا للأنباء ثم النشرة ثم عشرات البرامج الإذاعية. كانت إذاعة قطر متميزة، ولم أدرك ذلك إلا عندما انتقلت للعمل في إذاعة بي بي سي، حيث لم أر فرقا كبيرا في المستوى بينهما، سوى أن إذاعة لندن كانت أوسع انتشارا. عندها أيقنت أن إذاعة قطر، لو قدر لها أن توصل بثها إلى أقطار بعيدة لنالت من الشهرة ما لا يقل عن شهرة إذاعة لندن. إذن، إذاعة قطر في رأيي كانت أول خطوة في الطريق نحو ولادة الجزيرة، فقد استقطبت قطر للإذاعة أفضل الخبرات، وسرعان ما امتلأت ردهاتها بالشباب القطريين الذين واصلوا المسيرة بجدارة. -تلفزيون قطر: كان لي شرف المشاركة المحدودة في التلفزيون من خلال نشرات الأخبار. لكن ما أود أن أشير إليه هنا أنني شاهدت في هذا المرفق أول محاولة لتقديم برنامج عبر القمر الاصطناعي. وكانت هواجس البث الفضائي تلح على تفكيري، مما دعاني إلى خوض تجربة أعتقد أنها الأولى. فقد أتاح لي مدير التلفزيون آنذاك، الأستاذ سعد الرميحي، فرصة تجربة تسجيل لقاء عبر القمر الاصطناعي ضمن برنامج كان يلقي الضوء على مقتنيات المكتبات الخاصة والكتب التي تضمها. وأجريت خلاله لقاءً مع مدير مكتبة الكونغرس في واشنطن، أذيعت في برنامج «تعال إلى مكتبتي». -(بي بي سي): كما ذكرت سابقا، فإن عملي في بي بي سي فتح أمامي نافذة كبيرة للاطلاع على التقدم التكنولوجي المتسارع والمبهر. وسرعان ما تحقق إنجاز آخر بأن تم اختياري للعمل مع مجموعة مميزة لتدريبنا على أساليب متقدمة للبث التلفزيوني. كانت خدمة
الجزيرة.. نظرة خاصة المدير السابق لقناة الجزيرة | عدنان الشريف
للحديث عن دولة قطر، وما حدث فيها من تطورات عايشتها، وكان فيها الكثير من علامات وإشارات يجب التوقف عندها، ويمكن القول إن لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بولادة قناة الجزيرة في قطر: : تحقق في قطر إنجاز على مستوى الوطن، 1968 -إذاعة قطر عام ومثل لي شخصيا نقطة تحول أساسية في حياتي المهنية. فقد أتاح إطلاق أول إذاعة رسمية في قطر فرصة تحقيق حلم راودني منذ الصغر، وكنت من بين أوائل من نطقوا بعبارة: (إذاعة قطر من الدوحة)، فأنا من عشاق ومدمني الإذاعة. كانت من أغلى لحظات
مادة إعلامية بتقنيات متقدمة، إضافة إلى منهج متطور في التحرير والإنتاج والإخراج والمؤثرات، كل هذا في قالب متطور لم يعهده المشاهد العربي. وتزامن ذلك مع بدايات قنوات عربية اتخذت من لندن مقرا، مستفيدة من التطور التقني، لكن لم تكن قناة عربية لتجرؤ على أن تتجاوز حدود المحظورات الموجودة أصلا في القنوات العربية، خاصة في الأخبار والحوارات السياسية. لم تكن أي من هذه القنوات تخطط لإطلاق خدمة إخبارية متخصصة. أي أنها، وإن كانت تبث من الغرب، إلا أنها لم تتطور في المضمون. وهنا بوسع المتأمل في تطور الأحداث حينئذ أن يكتشف أن قطر كانت لا بد أن تكون الرائدة في هذا المجال دون منازع.
من واقع خصوصية الصلة ومعايشة ما قبل البداية، أعتقد أنه يجوز لي أن أبدأ الحديث عن الجزيرة مسترجعا إرهاصات وأحداثا وتطورات شخصية وأخرى عامة، إقليميا ودوليا، بدأت منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي -بل سبقت ذلك- كانت تدل بشكل واضح على أن ولادة قناة مثل الجزيرة في قطر لم تكن مجرد مسايرة لبواكير التقدم الحاصل في مجال الإعلام والتكنولوجيا في ذلك الوقت. لقد كانت كل دولة تسعى إلى إطلاق قناة فضائية، ولكن لم يكن في فكر ومنهج المسؤولين اعتماد موضوع التخصص في أي قناة. كان الحديث في الأوساط الإعلامية العربية عن إنشاء هذه القنوات في الوقت الذي بدأ فيه المواطن العربي يشاهد قنوات أجنبية تقدم
53
52
Made with FlippingBook Online newsletter