AJ 25th Book.

خمس وعشرون.. إلا قليلا!

ناقل، بل صوت من لا يستطيعون الكلام «صوت من لا صوت له». كان تقريرا لا أنساه.. ومثله تقارير توالت حين بث مسلسل اسمه «غرابيب سود»، وشاهدت كم خلط بخبث فج بين التطرف والإسلام، ومن يفهم خبايا المهنة يعرف الخيوط الرفيعة في الصحافة أو الدراما، كان أسرع نص أكتبه.. لقد كتب نفسه. يوم حوصرت قطر وأريد للجزيرة أن تسكت شعرت باستهداف شخصي. تماثل أمامي كل ما كان، وأخذت أتأمل جدرانها كأنها أول مرة.. استفحل الظلم، كتبت دفاعا عن الحلم وعن القناة وعن الصحافة وعن المبادئ.. تقرير كتبته بقلبي. في أمسية ذلك اليوم من ذلك الصيف، وقفت مع زميل صديق في الباحة المفضية إلى مبنى القناة، نظر إلى السماء وقال: - لقد ضاقت علينا الجغرافيا يا صديقتي. - ووسعنا الفضاء وقلوب الناس في أكثر أرض طيبة. -لم نفعل غير ما تمليه ضمائر حملة القلم ونفوس الأحرار. - بلى.. وذلك يكفي. -نعم.. ويزيد.

في لبنان صارخة من ٢٠٠٦ السيدة التي لوحت لي في حرب تموز بعيد من حديقة النزوح ونحن نهم بالمغادرة: «قولي لهم كم الإسرائيليون مجرمون.. قولي لهم كيف دمروا بيتي».. وأنا ابنة الحرب أعرف معنى دمار البيوت والبيوت ليست جدرانا. البيوت أرواح.. شاهدت وجهها من بعد في كل صورة من فلسطين أو سوريا أو ليبيا ذهبت إلى مصر قبل ثورة يناير بعامين أو ثلاثة وصورت تقريراً عن (عيشة السطوح). هناك شاهدت ياسمين، الصبية المقيمة في غرفة فوق السطوح مع أسرتها.. حين لوحت بيدها نحو البعيد.. نحو المقلب الآخر من المدينة وقالت: «هما عندهم أشياء جميلة مش زيي طبعا»! أحسست بكم القهر في مصر والحسرة تكسو وجوه الفقراء هناك، حين قامت ثورة يناير تخيلت ياسمين، وهي في العشرين، تصرخ في الساحات لحقها في العيش والحرية والعدالة. أو اليمن او أفغانستان. وهي تلازمني بلا صورة. كان شباب يناير يذكرونني بخيباتي الشابة والآفاق المسدودة والعائلات الباحثة لأبنائها عن مستقبل ممنوع في مستنقعات الفساد والاستبداد الطائفي أو العسكري أو أو.. يوم أطيح بحلم مصر، كانت شاشات الإعلام تشمت وترقص وتكذب وتضلل.. وجوه حربائية تمثل كل ما دمر أحلامنا في المهنة. فكرت مع مدير الأخبار في إيصال الصوت الآخر. كتبت عن زيف هذا الإعلام، وثقت نفاقهم ورياءهم. حين بث التقرير نال شهرة كبيرة. وشعرت بمسؤولية ومعنى ألا تكون مجرد

77

76

Made with FlippingBook Online newsletter