الجزيرة تثير إعصاراً سياسياً في قبرص
الجزيرة تثير إعصاراً سياسياً فيقبرص وحدة التحقيقاتفيشبكة الجزيرة الإعلامية | فيل ريس وسارة يو
أول نادٍ عُرض علينا كان نادي (ديربي كاونتي) نظير صفقة تتجاوز مليون دولار أمريكي. ولكن كيف يمكن 100 قيمتها الإجمالية للمشتري الثري المجرم إخفاء سيرته الإجرامية ومصدر أمواله المشبوهة عن سلطات كرة القدم؟ جاء الوسيطان - موضع الشبهة والتحري من الفيلم - بفكرة تتمثل في حصول المستثمر الوهمي المجرم على جواز سفر قبرصي، بحيث يمكنه تغيير اسمه والعيش والعمل بصورة شرعية داخل الاتحاد الأوروبي.
بدأنا في وحدة التحقيقات في الجزيرة العمل على هذا الاستقصائي فترة طويلة في قبرص. عندما تلقينا خيطاً يشير إلى أن بعض المجرمين الخطيرين يخططون لشراء أندية كرة إنجليزية بغرض غسل أموالهم المشبوهة. وقد تم بيع ناد من الدرجة الأولى (أستون فيلا) في برمنغهام لمشترٍ صيني غامض يقبع حالياً خلف قضبان السجن في موطنه. أثارت محنة النادي الإنجليزي سؤالاً كبيراً: «هل يمكن لمجرم مُدان لم يتم التحقق من مصادر أمواله أن يشتري نادياً إنجليزياً رغم اللوائح الصارمة الموجودة؟» وتنامت الشكوك لدى فريقنا حول رجلْ في لندن يمارسان أعمال الوساطة لبيع الأندية الإنجليزية لمستثمرين أجانب أثرياء نظير عمولات كبيرة. ولترتيب لقاء معهما، بنينا شخصيتين مزيفتين لاثن من الصحفيين دون الكشف عن هويتهما الحقيقية، ليتظاهرا بأنهما ممثلان لمستثمرٍ صيني فاحش الثراء. وسميناهما: (بيلي) و(آنجي)، وزعما أنهما يمثلان مستثمراً صينياً هرب من حكم بالسجن سبع سنوات بسبب الرشوة والفساد، بينما قام بغسل أمواله المشبوهة من خلال شراء ملاه ليلية وكازينوهات في شبه جزيرة ماكاو، ويسعى حالياً لشراء ناد إنجليزي.
قالت صحيفة «سايبروس ميل»، الصحيفة اليومية الوحيدة الصادرة باللغة الإنجليزية في قبرص: «لقد تعرض نظامنا السياسي لهزة عنيفة وبات على وشك الانهيار بسبب فيلم استقصائي أنتجته الجزيرة!» لا يوجد تعبير يصف فرحة الصحفي الاستقصائي حين يترك عمله الأثر الذي تمناه. فإذا قيس مدى نجاح عمل الصحفي الاستقصائي بمدى وقوة هذا الأثر، فإن نجاح استقصائي الجزيرة: «الكشف عن فضيحة الوثائق القبرصية» كان نجاحاً غير مسبوق. لقد أثار هذا الاستقصائي إعصاراً سياسياً في الجزيرة المتوسطية بأكملها. وصلت تداعياته إلى أقصى أطراف أوروبا. وبعد أسبوع واحد فقط من بث الفيلم، تغّ كل شيء تقريباً في البلاد. لا ندري عادةً ما الذي سيثيره أي عمل صحفي استقصائي ننتجه، فالعملية تشبه حفر بئر للنفط أو الغاز. نبحث عن أدلة وبراهين، مثلما يبحث علماء الجيولوجيا عن إشارات لاستخراج ما في باطن الأرض من ثروات. في بعض الأحيان يعثر الصحفي الاستقصائي على ما يشبه البئر المليئة بالنفط، وفي أحيانٍ كثيرة، وبعد عمل مستمر شهورا أو سنوات، يخرج صفر اليدين.
97
96
Made with FlippingBook Online newsletter