"ما بعد اﳊقيقة". فكيف نفهم ذلك وندركه على املستوى اإلبستمولوجي، وهلذه املواقع قدرة على خلق واقع مغاير ﰲ كثري من اﻷحيان؟ إذا كان اﻷمر كذلك، فإنه يلزم فهم هذه الظاهرة من داخلها، وال نكتفي ابلوصف والنقد السطحي. ولذلك فإن رصد الظاه َّل رة وﲢليلها ونقدها ﳛتاج إ أدوات ﲝثية جديدة على املستوى املنهجي. يؤكد تَتَبع اتريخ تطور املعرفة العلمية أن املناهج العلمية، السيما ﰲ ﳎاالت العلوم اإلنسانية واالجتماعية، تتطور وفاقا للتحوالت الﱵ ﲢدث ﰲ ﳎاالت الفكر والواقع، أي مع التحوالت النماذجية الﱵ ﲢدث ﰲ إطار الفكر والفلسفة، وكذلك التحوالت ﰲ الواقع االجتماعي والسياسي واالقتصادي الذي تعيشه اجملتمعات. وال ﳜفى أن التحوالت النماذجية من الوضعية إ َّل البنائية التأويلية، إ َّل النقدية والنفعية، وإ َّل النقدية وما بعد اﳊداثة؛ أسهمت بشكل كبري ﰲ تطوير م ناهج وأدوات ﲝثية جعلت دراسة الظاهرة االجتماعية واإلحاطة هبا من أبعاد ومستوايت ﲢليلية عديدة أمرا ممكناا. وهذا ﳛسب للجهود العظيمة الﱵ بذهلا العلماء ﰲ سبيل متكني الباحثني من فهم عاملهم اترﳜية االجتماعي. وإذا كان بعض الباحثني قد توقف عند مناهج تعكس مرحلة ما، فإن هذا ال يعﲏ قصو ارا ﰲ العلم، وإمنا قصو ارا ﰲ املؤسسات العلمية والباحثني. ولطاملا لعبت تلك التحوالت ﰲ الواقع على ظهور مناذج فكرية جديدة ﲢمل دو ارا ﰲ ﲢفيز العمل على تطوير نظرايت ومناهج وأدوات ﲝثية جديدة، وال يسع اجملال هنا للتوسع ﰲ ذلك، وكل ما ميكن قوله ا ، أ آلن ن هناك ﲢوالت واقعية وفكرية تستدعي ﲢوالت منهجية، وقد تكون تلك املناهج تطويارا ملناهج قدمية أو اخرتا اعا ملناهج جديدة كليًّا. ورغم كوهنا إفراازا لنموذج فكري استدعته الطرق املختلفة لفهم الواقع، فإنه ميكن االستفادة منها ﰲ سياقات ثقافية مغاير ة، ذلك أن اﻷدوات البحثية ﲣتلف عن النظرايت الﱵ تفسر الظواهر االجتماعية واإلعالمية، وهذه النظرايت خاضعة للنقد والتجريب والتطوير والتعديل أبي أدوات ﲝثية كانت. تعد مناهج ﲢليل الشبكات االجتماعية منه اجا قدمياا مت تطويره ليتالءم مع الواقع اﳉديد، فلم تكن الر قمنة سبب ا ا ﰲ ظهور الشبكات االجتماعية، فتلك اﻷخرية مسة لصيقة ابإلنسان ﰲ طبعه، فإذا صحت مقولة أن اإلنسان مدﱐ بطبعه، فهو شبكي بطبعه كذلك. وهذه امليزة البشرية ﰲ التشبيك الﱵ ينشأ عنها بﲎ وهياكل ظاهرة وخفية؛ كانت مثار اهتمام الكثري من العلماء واملختصني من مشارب علمية ﳐتلفة، فهناك ثالثة من التقاليد العلمية على اﻷقل، كانت أسا اسا لظهور نظرية الشبكات االجتماعية ﰲ علم االجتماع الحاقا. وهي تقاليد علم النفس االجتماعي الذي اهتم بدراسة القياسات االجتماعية ( sociometrics )، واﻷنثروبولوجيا الﱵ اهتمت بدراسة شبكات ع القات القرابة ﰲ اجملتمعات التقليدية، والرايضيات الﱵ اهتمت بدراسة نظرية الرسوم ( Graph Theory .) وقد طور علماء االجتماع نظرية الشبكات االجتماعية عن تلك التقاليد ودرسوها من منظورين: استنباطيًّا من و ربين أن للشبكات هياكل اثبتة خالل املنظور الشكلي، معت هادفني إ َّل دراسة طبيعة تَشكلها، واستقرائيًّا من خالل املنظور العالئقي، معتربين أن الشبكة ما هي إال ﳎموع ما يتش ىكل فيها من عالقات وما ينشأ عنها من ﳏتوى.
110
Made with FlippingBook Online newsletter