إن الرتاث املعرﰲ الذي شىك ل املنبع اﻷساسي لتفسري الظواهر اإلعالمية االتصالية ولفرتة طويلة ال يزال احملرك اﻷساسي ملختلف البحوث وا لدراسات اﳋاصة بوسائل اإلعالم و عملها، سواء على مستوى اﻷفراد أو جملتمع. و قد ا ﲡلى هذا الرتاث املعرﰲ ﰲ مدرستني أساسيتني وﳐتلفت شىك ني لتا القاعدة اﻷساسية ملختلف النظرايت الﱵ تبلورت إلال ﰲ شأن علم ا ع م، ومها: املدرسة الوظيفية و املدرسة النقدية. فاﻷوَّل تصب فيما اقرتحه هارولد السويل ( Harold Lasswell ) حول وظائف إل ال وسائل ا ع م الﱵ ﳋصها ﰲ مراقبة البيئة، قل جملتمع، ون وربط أجزاء ا الرتاث من جيل إ َّل آخر، إضافة إ َّل وظيفة ال و رتفيه، الﱵ ﳒدها ﳎ إلعالم اﳉديد . وعليه، ف تمعة ﰲ وظائف ا املدرسة الوظيفية ال تزال قادرة على تشكيل املرجع النظري لكل ﳏاولة لتفسري عمل اإلع الم أو وظيفته، بطريقة أ مربيقية مست الحظة و القياس. مدة من الواقع القابل للم على الضفة اﻷخرى من االعتماد، ﳒد املدرسة النقدية بقيادة كل من تيودور أدورنو ( Theodor Adorno ) مي وماكس هوركها ر ( Max Horkheimer )، و هربرت ماركوس ( Herbert Marcuse ) ، مث بعد ذلك يورغن ها برماس ( Jürgen Habermas ) وميشال فوكو ( Michel Foucault ). و مل قد اقرتبت هذه ا درسة من دراسة اإلعالم اﳉديد ابلتوجهات نفسها الﱵ قاربت هبا اإلعالم التقليد ي، أي البحث عن طبيعة اهليمنة، والعق عدم النية، و املساواة. كل ذلك اعتما ادا على مقاربة كيفية (املنهج اإلثنوغراﰲ على سبيل املثال، أو املالحظة، أو املقابلة)، ﻷهنا اﻷدوات الوحيدة الﱵ مي كن من خالهلا معرفة املفاهيم السابقة ﰲ سياقاهتا املختلفة حسب هؤ ، الء ومنه فهم مكوانت اإلعالم اﳉديد و عمله أبكثر موضوعية. و ال إ َّل وقت قريب من هذه اﻷطروحات، يزال االعتماد واض احا على اﻷطر النظرية الكالسيكية ملقاربة اإلعالم اﳉديد، فقد توصلت دراسة قام ا هبا لباحث حلمي ﳏسب سنة 2007 1 ، و مل ابستعماهلا أداة ﲢليل ا ستو ى الثاﱐ ري (الثانوي)، أن البحوث املصرية واﻷم كية على سبيل املثال، ما زالت تعتمد على النظرايت الكالسيكية اﳋاصة ابإلعالم التقليدي ﰲ تفسريها للموضوعات اإلعالمية املرتبطة ابإلنرتنت. كما أشارت دراسات أخرى إ َّل أن الكثري من البحو ث العلمية ﰲ املنطقة العربية، ما إلعالم اﳉديد، وفيما ﳜص ا زال يعتمد على نظرية االستخدامات إل وا شباعات بوصفها نظرية مفس . إلعالم اﳉديد رة لدوافع استعمال اﻷفراد ل كما ﳒد االستمارة االستبيانية أداة منهجية لقيا إلعالم ا لتقليدية س مجهور وسائل ا مستعملة بكثا فة ﰲ دراسة مستخدمي اإلنرتنت و ما يدور فيه من أنظمة، كما قام الكثري من الباحثني العرب ابستعمال ﲢليل املضمون عندما يريدون استنطاق مضامني اإلعالم اﳉديد (ا نظر عينة من تلك الدراسات ﰲ اﳉدول أسفله). نفهم من هذا الطرح أن اإلعالم اﳉديد ال ﳛتاج أكثر من املقارابت الكم ية أو الكيفية لدراسة وظائفه اﳉديدة وﲢليلها، مب مع مناداة البعض حاولة تكييفها لتكون أكثر مرونة مع ﳐتلف أشكال االت صال الﱵ يفردها اإلعالم اﳉديد. فاﳋريطة املنهجية اﳊالية -إن ص ىح التعب - ري ملقاربة اإلعالم اﳉديد، ال تزال قائم ة على املنهج املسحي
1 - ابت النظرية ﰲ ﲝوث عبد العزيز السيد عبد العزيز، "التوجهات واملقار اإلعالم اﳉديد دراسة ﲢليلية"، ﳎلة كلية اآلداب بقنا (كلية اآلداب، مصر، العدد ،39 2012 )، ص .469
18
Made with FlippingBook Online newsletter