الباحث أندرسون ﰲ قوله: "إ ن زمن نظرايت ا لسلوك البشري، من علم اللغة إ َّل علم االجتماع مروار ا بعلم النفس، َّل ال قد وى ، و حاجة إ َّل معرفة ملاذا يفعل الناس ما يفعلونه، فاملهم أهنم يفعلون ذلك وكفى، وميكننا متابعة ما يقومون به وقياسه بدقة وأمانة غري مسبوقة. فالبياانت موجودة وكافية، واﻷرقام تتحدث عن نفسها" 1 . أتسي اس ا على ما سبق، ميكن أن نتساءل: هل البياانت الكربى تعمل على "قرصنة" ممارسات البحث ﰲ حقل علوم اإلعالم واالتصال على غرار ما تفعله ابلعلوم االجتماعية واإل نسانية وفق ما ذهب إليه البعض 2 ، أم إ هنا ستنقذ البحوث اإلعالمية من أزمتها؟ ما زالت اإلجابة عن هذ ا السؤال ﳏل خالف، فالبعض يعتقد أن التكنولوجيا الرقمية دفعت العلوم االجتماعية واإل نسانية إ َّل استئناف "الثورة الكمية" الﱵ عاشتها ﰲ ستينات القرن املاضي وسبعيناته 3 . آل ويرى البعض ا خر أن البياانت الكربى ستفعل ابلبحوث االجتماعية ما فعلته "الفوردية" -نسبة إ ج َّل ون فورد مالك شركة صناعة السيارات- ﰲ عامل الصناعة، نتيجة تنظيم العمل وإعادة تقسيمه أفقيًّا وعموداي وزايدة اإلنتاج 4 ؛ مما يعﲏ أن هذه ري التكنولوجيا غ ال ت غري ﰲ طرائق اﳊصول على املعرفة فحسب، بل ست حﱴ طبيعة هذه املعرفة. و تستدعي البياانت الكربى أي اضا فهم االختالف بني اسرتاتيجيات البحث التقليدية وتلك الﱵ تعتمد على التكنولوجيا الرقمية، واﳋالف الذي تثريه ﳐتلف البحوث الﱵ تعتمد على هذه التكنولوجيا، والسؤال عن مفعول العىُد ة التقنية الﱵ أ نتجتها ﰲ توجيه البحث. رب ما ي ر هذا السؤال أن البياانت الﱵ يعتمد عليها اﳉيل الثالث من العلوم االجتماعية واإلنسانية هي وليدة شركات املعلوماتية العمالقة 5 ( ملريكنتلي الﱵ تضفي الطابع ا Mercantilization ) على االتصال. لتوضيح هذه الفكرة، : إ ميكن القول ن وسائل اإلعالم، خاصة الصحف العاملية الكربى، قد تزىو دت، منذ أزيد من ع شرين سنة، ب"أدوات القياس أثناء العمل" ( Metrics at Work ،) أي ﳏركات البحث لقياس تفاعل اإل نرتنتيني مع املواد الصحفية املنشورة عرب اﳋط، مثل "غوغل أ يتي انل كس" ( Google Analytics ) و"شارتبيت" ( Chartbeat ) ، والﱵ أدت إ َّل ميالد وظائف جديدة ﰲ قاعة التحرير، مثل: "م " ( الفرتاضية دير اﳉماعات ا Community Manager ،) ( حملتوايت ومسؤول فهرسة ا SEO Manager ) وترقيتها ﰲ رت شبكة ا ن نت إل ، والتعامل مع 1 - Chris Anderson, “ The End of Theory: The Data Deluge Makes the Scientific Method Obsolete, ” Wired, June 23, 2008, “accessed November 2, 2021”. https://bit.ly/3GYSlLv . 2 - Simon Lindgren, “ Hacking social science for the age of the datafication, ” Journal of Digital Social Research, Vol. 1, no. 1, (2019): 1 –9, “accessed September 3, 2021” . https://bit.ly/3FY99RJ. 3 - Danah Boyd, Kate Crawford, Six provocations à propos des big data, Trad. Laurence Allard et al., Symposium, “ Une décennie avec internet, ” Oxford Internet Institute, September 21, 2011, “ accessed November 2, 2021”. https://urlz.fr/gJoS . 4 - Ibid. 5 - نذكر منهم على وجه اﳋصوص تلك الﱵ ﲢتكر أضخم قدر من البياانت املختلفة وتشك ل مصدر دخلها اﻷساسي، وهي: فيسبوك ومنصاته واتساب وإ نستغرام، وأمازون، وأيربناب، وعلي اباب غروب، وآبل، وبوكينغ. كوم، ولينكدن، و ميكروسوفت، وتويرت، وإيرب، وايهو...
85
Made with FlippingBook Online newsletter