الأنظمة الانتخابية في موريتانيا في ظل دستور 1991

مــن هنا تأتــي أهمية هذا الكتــاب، ولقد عمل الكاتــب ليس من موقعه باحًثًا فحســب، وإنما أيضا من كونه خبيًرًا اشــتغل بأهم مؤسســة أشرفت على االنتخابات ونّظّمتها منذ اعتمادها آلية اللجنة الوطنية المستقلة لالنتخابات، مما حّفّزه ومّكّنه من ســبر أغوار الموضوع مســتفيًدًا من قدراته اللغوية وتم ُّكُنه من ثالث لغات. كما تأتي أهميته من كون هذه الدراســة -وإن لم تكن األولى في تناول المؤسســات السياســية في موريتانيا ونظامها، إذ ق َّدَم عشــرات الدارسين بحوًثًا حول هذا الموضوع من جوانب مختلفة- انفردت بهذه الزاوية من النظام السياســي، وانتزعت بذلك مكان الصدارة، فاستحق الباحث من خاللها بجرأته الكبيرة وجهده المثابر أن ينتزع التميز، رغم قلة مصادره المباشــرة بل ندرتها، وتبعثر المادة موضوع البحث، أفقًّيًا على مستوى النصوص القانونية والممارسة في انتخاب الهيئات التمثيلية التي تناولها الكتاب، ومن خالل السياقات الزمنية المتعــددة والمختلفة، بدًءًا مــن أول انتخابات تمهيدية جرت في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي. كما اســتطاع الباحث أن يبرز مدى أهمية النظام االنتخابي الموريتاني في مجال توسيع دائرة المشاركة السياسية، حيث م َّكَن هذا النظام من تحقيق تمثيل أكبر للمكونات السياسية واالجتماعية في الهيئات االنتخابية وضمن بشكل خاص ، مما أتاح لهما " نظام الكوتا " ولو ًجًا معتبًرًا لفئتي النســاء والشــباب عبر اعتماد حضوًرًا مهًّمًا في البرلمان الموريتاني، وفي المجالس الجهوية والمحلية. وتبرز أهمية تناول هذا الموضوع كذلك بالنسبة للبلد حيث ال يعمل النظام االنتخابي على توزيع المراكز السياسية على الفاعلين السياسيين فقط، وإنما أي ًضًا قد يســتهدف توزيع تلك المراكز على المســتوى االجتماعي حيث يعمل على فتح الفرص أمام تشكيالت المجتمع المختلفة، مثل الحصص النسائية والشبابية حتــى حصص المكونات اإلثنية المختلفة خاصة أن البالد تتميز بتنوعها العرقي واإلثنــي إذ ينقســم المجتمع إلى أربعة مكونات إثنيــة هي: العرب والهالبوالر والسوننكيون والوولوف.

8

Made with FlippingBook Online newsletter