الأنظمة الانتخابية في موريتانيا في ظل دستور 1991

واألكاديميــة؛ حيث تســمح للمواطنيــن بمكافأة المنتخبيــن الجيدين، ومعاقبة المنتخبين ذوي األداء الســّيّئ، واختيار الممثلين الذين يرون أنهم األمثل للقيام بالمهمات المسندة إليهم ومحاسبتهم عند الحاجة. وقد ذهبت الدراسات الحديثة في العقود األخيرة إلى استحداث فروع بحثية ) إذ Electoral engineering حول ما أصبح يعرف اليوم بالهندســة االنتخابية ( ) أن الحقبة الراهنة تشهد اهتماًمًا كبيًرًا Pippa Norris ترى الدكتورة بيبا نوريس ( متزايًدًا بهذا الحقل؛ حيث ت ّم إدخال إصالحات لتحقيق أهداف مثل الوصول إلى أكبر قدر من مساءلة المنتخبين والحكومات سواء كان النظام الذي وصلوا عبره إلى الســلطة نظاما لألكثرية أو النســبية أو نظاما انتخابيا آخر. وذلك ِلِما اتضح من تأثير إصالح وتطوير أنظمة االنتخاب في مجال التمثيل السياســي والسلوك التصويتي. وال شــك أن الكثيريــن متفقــون علــى تالزم العالقة بيــن الديمقراطية واالنتخابــات، فال يمكن أن تتحقــق الديمقراطية أو يحدث االنتقال إلى النظام الديمقراطي بدون إجراء انتخابات دورية نزيهة وشفافة وحرة، ولكن االنتخابات وحدها ليســت كافيــة لتحقيق الديمقراطيــة أو الوصول إلــى مرحلة االنتقال الديمقراطي، بل هناك عّدّة شروط ومتطلبات أخرى من أهمها التداول السلمي على السلطة، والوصول إلى مرحلة من دولة المواطنة، ووعي المواطنين ومساءلة المنتخبين في إطار آليات الديمقراطية المعروفة األخرى. ولم تكن المنطقة اإلفريقية والعربية بمعزل عن التأثر برياح الديمقراطية التي هّبّت في نهاية القرن العشرين، إذ تأثرت المنطقة آنذاك بما يعرف بخطاب قمة ) وما Discours de La Baule البول بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في إفريقيا ( )) Conditionnalité تبعها من إجراءات يعتبرها البعض ضمن سياسة المشروطية تعبيرا عن ربط تقديم المساعدات االقتصادية والمالية من الدولة المستعِمِرة سابقا لهذه الدول في ذلك الوقت بما تحرزه من تقدم في مجال الحكم الديمقراطي والتعددية السياســية والحزبية، وما ينجّر عن ذلك من نظام ليبرالية الســوق في خضم سياســات جهــات التمويل الدولية من البنك وصنــدوق النقد الدوليين، وبرامج اإلصالحات المقترحة من قبلهما لتجاوز االختالالت االقتصادية داخل هذه البلدان .

12

Made with FlippingBook Online newsletter