الأنظمة الانتخابية في موريتانيا في ظل دستور 1991

تقديم معلوم أن االنتخابات أصبحت هي الوسيلة الشرعية األولى في عالم اليوم إلســناد السلطة بشــكل مرضي ومقبول، عندما يحصل اتفاق الفرقاء السياسيين علــى قواعــد تنظيمها، وهي فــي ذات الوقت أفضل أداة لمعرفــة مراكز القوة وأحجامهــا في الدولة الحديثة، وذلك اعتماًدًا على النظام االنتخابي الحاكم لها والمحدد لإلجراءات الواجب اتباعها لضمان الشفافية والنزاهة لعملية االقتراع. كما أنه من المعلوم ما تؤّدّيه النظم االنتخابية من دور في حياة القوى واألحزاب السياسية وأنظمتها، وذلك بما توفره لهذه األحزاب من إمكانية لتوسيع قاعدتها وما تقيمه من تحالفات، أو على العكس ما يمكن أن تســّبّبه من خنق لنطاقاتها وإضعــاف ألدائها. ومــن أخطر األدوار التي تؤديها النظم االنتخابية ذلك الفعل المؤثر ســلًبًا أو إيجاًبًا في عملية التماســك االجتماعي والتعايش الســلمي بين مكونات المجتمع من خالل كيفية إدارة االختالف بين الفرقاء. مـّا كانت الديمقراطية في موريتانيا كغيرهــا من دول العالم الثالث، لم � ول تتجاوز بعد مرحلة التأســيس رغم اعتماد دســتورها منذ أكثر من ثالثين ســنة، فإن المسلسل الديمقراطي ال يزال يواجه عقبات، إن لم نقل مشكالت حقيقية؛ مما يجعل السير والتقدم على طريقه بطيًئًا ج ًّدًا. وهذا ما حاول الباحث إظهاره مــن خالل تتبعه للتطــورات التي مر بها النظام االنتخابي الموريتاني، الذي يعّد من أهم مرتكزات النظام السياســي في البالد. هذا النظام الذي لم يســاير فقط حركة المجتمع ودرجة اســتعداده الســتيعاب التحول الديمقراطي، وإنما أيضا مدى اســتعداد الســلطة السياسية لإلصالح ومســتوى قبولها به. ولعل ذلك ما يفســر األخذ بعــدة أنظمة انتخابية بدًءًا من النظــام األغلبي الذي يضّيّق فرص ا إلى األحزاب السياســية في االنتشار والتعدد؛ لما يضع عليها من قيود، وصواًل نظام انتخاب مختلط يمتزج فيه النظامان األغلبي والنسبي، لتكون مساحة االنفتاح أكبر ودائرة قبول األحزاب أوسع.

7

Made with FlippingBook Online newsletter