| 146
المراحل اللاحقة. ومن ثم نحاول في بحثنا هذا العودة إلى سياق الأحداث السياسية والاجتماعية، التي عرفتها أوروبا في إطار الثورة على الأنظمة الاستبدادية والشمولية، لتقصّي نشأة وتطور المفهوم. . أركيولوجيا المفهوم 2 ، لكن الانحراف 19 ظهــر مفهوم الجريمة السياســية في الحقبة الليبرالية فــي القرن السياســي بمعناه العام والممارَس ضد الحاكم، أو ضد مؤسســات الدولة، هو قديم " المجرم " ). لقد نال المعارض/ 6 قِدَم التجمعات البشرية التي عرفت ظاهرة السلطة( 18 السياســي عقوبات قاســية من طرف الحاكم على مَرّ التاريخ وإلى حدود القرن ، إلى أن اخترق مفهوم الجريمة السياسية منظومة القيم الاجتماعية 19 وأوائل القرن والسياسية في أوروبا بغية تمييزها عن باقي الجرائم. السياســي يســعى إلى خلخلة بنية القيم الســائدة في " المجرم " ويرى أفلاطون أن المجتمــع، ودفع الناس إلــى العصيان والخروج للاحتجاج على الوضع القائم، فهو )، بل كان الرومان يعتبرونه 7 غالبًا ما يكون وراء عدم اســتقرار النظام الاجتماعــي( ). وقد ظهرت مجموعة من الجماعات الإرهابية في القرون الوسطى، 8 عدوّا للأمة( )، وجماعة السيكاري 9 مثل جماعة الحشاشين في القرن الحادي عشر والثاني عشر( ) التــي كانت تقــوم بأفعال تخريبية أثناء الاحتفالات العامة إلى جانب Sicarii )( 10 ( .) 11 القتل وحرق المنازل وتدمير الموارد الطبيعية( إن التجمعات البشــرية التقليدية عُرفت بوحدتها وتجانســها؛ فقَدَرها واحد، إن في ؛) 12 حياتها أو مماتها، ولم تشــهد ما يُعرف حاليّا بالمجال العام والمجال الخاص( حيث كان هذان المجالان متداخلين بشكل عضوي، وأي طرف يسعى إلى التشويش على هذه الوحدة يُنْعَت بأبشع النعوت، سواء من طرف الحاكم أو الأفراد، حتى وإن كان هذا المزعج يريد خدمة مصالح جماعته. وتنبغي الإشــارة في هذا الســياق إلى أن الدّين لعب دورًا محوريّا في هذا التناغم ؛) 13 والانســجام الذي عرفته الجماعة البشــرية قبل ظهور الدولة العلمانية الحديثة( حيث عمل الدّين على تعزيز أواصر الوحدة بين الأفراد وتجريم الاختلاف والتعدد. فكل من أساء للدين كأنما أساء للجماعة، فهو رمز قوتها وكبريائها، والسلطة الرمزية التي تختزل صورة الجماعة. وعملت الملكيات الحاكمة في أوروبا الكنسية وفي جل
Made with FlippingBook Online newsletter