155 |
العنف، بل قد تتمظهر سواء على مستوى المعارضة السياسية أو الاختلاف مع النظام الحاكم؛ الأمر الذي يحرم الإرهابي من امتيازات المجرم السياسي؛ حيث إن مجرم الرأي والمختلف مع النظام السياسي يجب ألا تطوله العقوبات المنصوص عليها في المدوّنة الجنائية، لأنه لا يستعمل العنف، لكن على أساس ألا يحرض على استعمال العنف أو يدعو إلى ذلك. - الجريمة السياســية تُلحق أضرارًا بهيئات الدولة بغية تغيير شــكلها أو إســقاطها وتعويضها بهيئات ومؤسســات أخرى توافق الخيارات السياســية والفكرية للمجرم السياسي. في حين أن الجريمة الإرهابية تلحق أضرارًا بمجموع المؤسسات الضرورية للعيش المشــترك، ســواء على مســتوى المِلكية أو الأسرة أو كل مفاصل المجتمع. وتســتهدف الجريمة الإرهابية زعزعة الاســتقرار، سواء على مســتوى المجتمع أو على مســتوى الدولة، متوســلة في ذلك العنف كخيار، بغية إثارة الانتباه إلى أجندة أو تصورات معينة. - أضرار الجريمة السياسية محدودة في الزمان، في حين أن أضرار الجريمة الإرهابية دائمة. وتعبّر الأولى عن مطالب سياسية مزعجة، أو محرجة للنظام السياسي القائم، لكنها لا تلجأ إلى العنف لتلحق أضرارًا بالمجتمع، بل إن أضرارها تلحق مؤسسات الدولة فقط. فهي أضرار محدودة، كما يمكن تجاوزها بعد تلبية المطالب السياســية لأصحابهــا. أما الثانية، فأضرارها تثــرك آثارًا بالغة في النفوس لما لها من تداعيات ممتدة في الزمان، سواء على المستوى المادي أو على المستوى السيكولوجي. - الجريمــة السياســية تســتهدف دولة واحدة فقط، في حيــن أن الجريمة الإرهابية )، وهو ما يضفي على الظاهرة الإرهابية البعد الدولي، 40 تســتهدف مجموع الدول( ويدعو الجميع إلى الانخراط في معركة مواجهة كل ما من شــأنه الإضرار بالســلم العالمي. - إن الأفعال المكوّنة للجريمة الإرهابية أفعال جرمية تســتوجب العقاب مثلها مثل الجريمة السياســية، مع اختلاف في الهــدف والغاية من الفعل الجرمي لكل منهما. فــإذا كان الهدف من وراء الجريمــة الإرهابية هو زعزعة الأمن العام وبنيات الدولة والمجتمع، فإن الغاية من الجريمة السياســية هي قلب نظام الحكم وتغيير شــكله أو جــزء منــه. وهو ما دفع جزءًا عريضًا من السياســيين وفقهاء القانون الجنائي إلى ) ذات الأصل الليبرالي من أجل عزل 41 تبني نظرية المحرّك السيكولوجي للجريمة(
Made with FlippingBook Online newsletter