العدد 13 – فبراير/شباط 2022

159 |

وصحفيين لأسباب تتعلق ببناء مشهد سياسي محدد يكون فيه إرهاب الآخر عنصرًا مؤثرًا في العلاقة مما يتيح فرض المواقف والقرارات والرؤى السياسية. هنــاك نمــاذج كثيــرة توضح الخلط بيــن المفهومين موضوع البحث، ســواء تعلق الأمــر بالعالــم العربي، مثلما نجد في ليبيا وســوريا والجزائــر، أو في الغرب مثل إيرلندا وإســبانيا التــي تعيش أزمة الانفصال في جهــة كتالونيا، والتي ما زال القضاء ينظر إليها كجريمة سياســية. كل هذه النماذج تســعف في وضع تمييز ضروري بين الجريمة الإرهابية والجريمة السياسية. إضافة إلى ذلك، ففي أغلب الحالات، حينما تحصل جريمة ضد مسلم بالساحات العامة في أوروبا، أو ضد مجموعة من المسلمين بمسجد وهم يؤدون الصلاة، توصف بنعوت تجعل منها جرائم الحق العام. لكن، إذا نُفّذت الجريمة من طرف مسلم أيّا يكن، فإنها توصف بالإرهاب. وهو ما نجد صداه في العالم العربي؛ إذ يتم ربط الإرهاب بالدين الإسلامي في محاولة لتشويهه، بدل ربط الأحداث وتفسيراتها بالجانب السياسي الذي يبقى المفسّر الأكبر لها. وانطلاقًا من كل ذلك، يعتبر مفهوم الجريمة السياسية من أكثر المفاهيم إثارة للجدل بيــن رجال القضاء، وفي القوانيــن الوطنية، وذلك لصعوبة الفصل بين الأفعال ذات المضمون السياسي وباقي الأفعال المرتبطة بالجرائم العادية، ناهيك عن التداخل بينها وبين الأفعال الإرهابية. إن عمليــة توظيف مفهــوم الإرهاب في الصراع والتدافع بيــن الدول والجماعات، تشــكّل أداة أساســية لفهم دينامية العلاقات الدولية. هكذا تتهم الولايات المتحدة إيران بدعم الإرهاب في لبنان واليمن مث ً، وإيران تتهم واشنطن بدعم الإرهاب في سوريا والعراق. كما تنعت إسرائيل حركات المقاومة في فلسطين (حماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية...) بالإرهاب، بينما تعتبر هذه الجماعات نفسها حركات تحرر وطني. لذلك يعتبر مفهوم الإرهاب من أكثر المفاهيم السياسية والقانونية قلقًا في مجال علم السياسة، وهذا راجع بالأساس إلى تهرّب المنتظم الأممي من تقديم تعريــف لمفهوم الإرهاب يحدد معناه بوضــوح ويعزله عن مفاهيم أخرى قد ترتبط وتلتقي معه في توسل العنف طريقًا، مثل مفهوم التحرر الوطني ودعوات الاستقلال ومناهضة الاحتلال والاستعمار الأجنبي.

Made with FlippingBook Online newsletter