215 |
يفكّك ســولومون في الفصل الثاني مــن الكتاب أحد أهم عناصر الأزمة في الدول العربية بمنطقة الشــرق الأوســط وشــمال إفريقيا، جاعً من الدولة محور تحليله وتشــخيصه. فهو يجادل بأن صفة الفشــل وخاصية فقدان الدولة لســيادتها في هذا للدولة " المصطنعة " المجال الجغرافي تخضع لثلاثة موجّهات رئيسية: أولها الطبيعة الناجمــة عن خطط التجزيء والتقســيم والاحتــ ل الأجنبي الذي تعرضت له دول المنطقة. اســتنادًا لهذا التحليل، يعرّض ســولومون الهوية الوطنية المشــتركة لهذه الدول، وكذا ولاء مواطنيها، للتشــكيك، ويفترض وجود بنية مُتَأَصّلَة للســلطوية في دول المنطقة وقدرة الديكتاتوريات على الصمود والاســتمرار، وعودتها الشرسة بعد مرحلة الربيع العربي، مســجلة تراجعات وانتكاسات في مجال الديمقراطية وحقوق الإنســان. ويعتبر ســولومون، ضمن نفس الســياق، أن الرّيعَ المبني على اســتمالة النخــب والمجتمع المدني يتحكّم في البنيــة الاقتصادية لهذه الدول العربية، ناهيك عــن الثروات الطاقية التي مكّنت -دول الخليج على وجه الخصوص- من الصمود أمام موجات التحديث السياسي والانتقال الديمقراطي. ويتمثّل الموجّه الثاني في العلاقة بين الدّين والسياسة، ووجود مساحات وتقاطعات مهمــة بينهما لدى أغلب دول المنطقــة. وتتمظهر هذه الخاصية في حرص الأنظمة الحاكمة على احتكار الشرعية الدينية وتنظيم الحقل الديني وفق رؤية رسمية أحادية. أما الموجّه الثالث فيتجلى في الســياقات الإقليمية والدولية المتحكمة، ودور القوى الخارجية في تعقيد وتكريس أزمات المنطقة السياسية والاقتصادية والأمنية. وتتعرض الدول العربية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتجاذب وتنافس من قِبَل قوى دولية كبرى (الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، والصين...) تتبنّى سياسات تعتمد على رعاية الأنظمة الســلطوية، وتعزيز قدراتها الأمنية والعســكرية وخلق تحالفات واصطفافات على حساب ضرورات ومتطلبات الأمن الإقليمي. وفــي ضوء هذه العوامل، يطرح ســولومون ســؤال مركزية الدولــة ودورها، معتبرًا أن النموذج الوســتفالي الذي اســتُجلب للمنطقة فرض علــى دولها ثلاثة تحديات كبرى: أولها: البروز القوي والصعود اللافت لتنظيمات مســلحة سيطرت وتحكّمت في مســاحات جغرافية واســعة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان ومصر وليبيا، وهو أمر وضع قدرة هذه الدول على ضبط حدودها والتحكّم فيها على المحك، باعتبار ذلك شرطًا ومقوّمًا أساسيّا لتحقيق السيادة وفق النموذج الوستفالي. وقد حازت هذه
Made with FlippingBook Online newsletter