العدد 13 – فبراير/شباط 2022

| 226

إن الخلاصــات التي قدّمها الكتاب حول الإســ م السياســي ليســت جديدة على الباحثين والمهتمين، وبذور هذه الرؤية الاختزالية للإسلام السياسي وربطها تحديدًا بأيديولوجيات العنف موجودة في كتابات ومؤلّفات سابقة للمُؤَلّفَيْن، وتلتقي كلها عند الجمع وعدم التمييز بين الحركات والأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية، التي انخرطت مبكرًا في العملية الديمقراطية بناء على مراجعات عميقة للعلاقة بين فكرها ). كما تتجاهل أدبيات 10 السياســي ونشاطها الدعوي، وبين الجماعات المســلحة( مُؤَلّفَي الكتاب الاجتهادات التي مهّدت للمشــاركة السياسية والمساهمة في الحكم، والانتقال إلى مرحلة من التأصيل المتحرر من الأطروحات التقليدية (إسلامية الدولة، ) إلى مرحلة من التدبير والتسيير 11 تطبيق الشريعة، نظام العقوبات، دولة المدينة...)( المرتكز على مفاهيم تنتمي للقاموس السياسي المعاصر (التعددية، الحريات، حقوق الإنسان، التنمية، العدالة الاجتماعية...) والمتوسل بآليات التنظيم الحديثة (الحكامة، الفعالية، الكفاءة...). . التدخل الأجنبي والعوامل الخارجية 4 إذا كان الكتاب أســهب في توصيف وتشــخيص مظاهر أزمة الديمقراطية في الدول العربية بمنطقة الشــرق الأوســط وشــمال إفريقيا، فإنه لم يتجاوز في ذلك العوامل الذاتية والمعوقات الداخلية، ولم يتطرق إلا بشكل مختصر ومحدود جدّا عندما أشار .) 12 للتقسيم الذي تعرضت له دول المنطقة بموجب اتفاقية سايكس-بيكو( إن اســتعراض واســتقراء تاريخ المنطقة يثبت بما لا يدع مجاً للشــك أنها ظلّت باستمرار تحت مجهر القوى الخارجية ومختلف الفاعلين الدوليين، وخضعت بشكل مستمر لتحولات السياسة الدولية والتنافس الاستراتيجي العالمي. وتعددت وتنوعت أشكال وصيغ هذا التدخل ما بين الغزو والاحتلال المباشر والاستعمار والاستيطان، والتدخل في الشــؤون الاقتصادية والسياســية كما حدث في المستعمرات الفرنسية والإيطالية في المغرب والجزائر وتونس وليبيا. وتحوّل هذا الشكل من التدخل خلال حقبة ما بعد الاســتعمار إلى تشــكيل منظومات وشبكات سياسية واقتصادية ونخب ثقافية وأنظمة سياسية وعسكرية موالية للغرب ومنحازة لمصالحه ومناصرة لمواقفه. وتمت عملية الاحتواء الشــامل هذه بمنهج موغل في البراغماتية والازدواجية، ففي الوقــت الذي دعّم فيه الغرب والولايات المتحــدة الأميركية الديمقراطية والتعددية

Made with FlippingBook Online newsletter