العدد 13 – فبراير/شباط 2022

23 |

ا: التأثير العسكري في صناعة الق ارر ً ثالث يُعرف هذا المؤشــر عادة بالعســكرة السياسية، ويُقصَد به التأثير الكبير الذي تمارسه المؤسســة العســكرية على عملية صناعة القرار الاســتراتيجي في الدولة. ففي مثل هذه الحالة، تكون القيادة السياســية غير مســتقلة عن سلطة الجيش وغير قادرة على توجيه القوات المســلحة باعتبارها ســلطة مدنية تمثّل الشــعب وتقع عليها مسؤولية اتخاذ القرار الاســتراتيجي باســمه. كما أنها تكون عاجزة عن ضمان أن مؤسســات الدولة واستراتيجيتها الوطنية هي الخيارات الحرة للشعب وليس للقوات المسلحة. وتعني العسكرة السياسية سيادة المؤسسة العسكرية على السلطة المدنية، والأصل أن القرار السياسي النهائي بيد القيادة المدنية المنتخبة، والقوات المسلحة تُنفّذه في ظل منظومة من العلاقات المدنية-العسكرية تقوم على تقدير خبرة المحترفين العسكريين ومشــورتهم في التوصل إلى قرارات حول الأمن القومي. والعسكرة السياسية، بهذا المعنى، تعمل خارج دائرة القانون والدســتور، وتســيء إلى الطابع المدني للدولة، وتــؤدي إلى تعظيم قوة العســكريين في العلاقة مع المدنييــن، وتدخّلهم في الحياة السياســية. وهكذا، يحدث الإخلال بقاعدة أن العسكريين أداة بيد الدولة مع ضمان استقلاليتهم المهنية. وتدل تجارب العســكرة السياسية في إفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا والعالم العربي، خاصة الجزائر ومصر والســودان وموريتانيا، على أن العلاقات المدنية-العســكرية يغلب عليها جانب الصراع وعدم التجانس، وفقدان الســلطة المدنية لســلطتها في توجيه العسكريين. ومن أهم أسباب ذلك ضعف المؤسسات السياسية للدولة، وعدم فعالية نظام التعددية السياســية، والتدخلات الأجنبية، والانقلابات العسكرية. وترتبط العســكرة السياســية أحيانًا بأسباب اقتصادية في حالة عجز الدولة عن توفير الموارد وتقديم الخدمات، وبأسباب اجتماعية مرتبطة بالصراعات والتناقضات بين المكونات الطائفية والقبلية والجهوية في المجتمع. وتتوســع العســكرة السياسية في مؤسسات الدولة من خلال تولي كبار الضباط مناصب عليا في قطاعات مدنية عامة. ا: تضخم الإنفاق العسكري ً اربع يُقصَد بهذا المؤشــر الإنفاق الكبير على التسلّح والخدمات العسكرية؛ حيث يجري تسخير الموارد البشرية والاقتصادية لخدمة الأغراض العسكرية والأمنية على حساب

Made with FlippingBook Online newsletter