21 |
لصعود آســيا عمومًا، والصين خصوصًا، ســينتهي بالغرب خاســرًا مكانته الدولية، ومنكفئًا على نفسه. وقد قدَّم دوغين نصيحة مشابهة ألوروبا بأن تكون أكثر من مجرد ). ومن الواضح 30 رأس جســر أميركي، وميَّز بين حافتها األطلســية وقلبها القارِّي( أن نصيحة محبوباني للغرب بالتســليم لصعود آســيا، وألوروبا بالتحرر من المظلة اإلســتراتيجية األميركية، وألستراليا بالتكيف مع محيطها اآلسيوي، ليست بريئة، وال هي مدفوعة بدوافع الســلم والتعايش فقط، وإنما لها مآرب أخرى، أهمها تســهيل الصعود اآلسيوي عمومًا، والصيني خصوصًا، دون عوائق. إنه منطق القوى الصاعدة، التي تســعى إلى طمأنة القوى الســائدة، حرصًا على التمكُّن بأقل ثمن مُمْكِن. لكن الغرب الذي اعتاد التصدُّر ال يســتمع لهذه النصائح كثيرًا، وهو لن يرضى بالمقاعد الخلفية دون مواجهات ومدافعات على الراجح، كما ســنرى في التوجس األميركي من صعود الصين في الفقرة التالية من هذه الدراسة. وقد اهتم محبوباني اهتمامًا إيجابيًّا بالعالم اإلسالمي، باعتباره -في نظره- جزءًا من القوة اآلســيوية، بعيدًا عن نوازع التعصب التي تظهر لدى بعض المثقفين اآلسيويين غير المســلمين أحيانًا، وهذا مما يُحسَــب له. فآســيا التي يبشر محبوباني بصعودها إلى الصدارة العالمية تتألف من ثالثة مكونات أساســية، هي: الصين والهند والعالم اإلســ مي. وهو يركز على الشــطر اآلسيوي من العالم اإلسالمي، وهذا أمر مفهوم ألسباب أيديولوجية وإستراتيجية، فض ًل عن أن الشق اآلسيوي من العالم اإلسالمي هو مركز ثقله البشري والجغرافي. بيــد أننا نتحفــظ على اعتبار محبوباني العالم اإلســ مي مجرد مكون من مكونات الظاهرة اآلسيوية، ونرى ضرورة اعتبار العالم اإلسالمي حيِّزًا حضاريًّا واحدًا، وكتلة جيوستراتيجية متميزة عن غيرها، دون أن ينفي ذلك تداخله مع العالم اآلسيوي حيث يتمدد جناحه الشرقي، أو تداخلَه مع العالم اإلفريقي حيث يتمدد جناحه الغربي، كما ســنبيِّنه الحقًا. فالعالم اإلســ مي أكبر من جناحه اآلسيوي، ومن جناحه اإلفريقي، حتى وإن كان بينه وبين كل من هذين الحيِّزين الجغرافيَّين عموم وخصوصٌ. ويجب التذكير في هذا الســياق بأن عددًا من المثقفين المســلمين اآلسيويين سبقوا . ومنهم المفكر والسياسي الماليزي، النهضة اآلســيوية محبوباني إلى التبشــير بفجر ). كما أن 31 أنــور إبراهيــم، الذي أصدر كتابًا بهذا العنوان منذ أكثــر من ربع قرن(
Made with FlippingBook Online newsletter