| 22
تمايز العالم اإلسالمي عن الهوية اآلسيوية إشكال قديم، نجد صداه منذ نحو قرن في )، والزعيم الهندي، 1938 - 1877 الخالف السياسي بين شاعر اإلسالم، محمد إقبال ( )، رغم االحترام الشــخصي العميق بينهما. فقد أصر 1948 - 1869 ماهاتمــا غاندي ( غاندي على جعل الهوية القومية الهندية أســاس االجتماع السياســي في الهند، بينما آمن إقبال بأن العقيدة والثقافة أهم لالجتماع السياســي الســليم من الرابطة القومية، وتوصَّل إلى أن الفجوة الثقافية بين المسلمين والهندوس تجعل من األسلم للطرفين ، " الله آباد " ). فكان خطابه الشهير في مدينة 32 أن يعيشا في كيانين سياسيين منفصلين( ، الذي يعتبره المؤرخون وثيقة الميالد لجمهورية باكستان اإلسالمية. 1930 عام فرغم أن محبوباني ال ينطلق من أرضية التحيز ضد العالم اإلســ مي، وأن إدراجه إيَّاه ضمن المنظومة اآلسيوية صادر عن موقف متعاطف، فإن الثمرة العملية المترتبة علــى تحليله هنا تلتقي -بحســن نية- مع الثمــرة العملية التي انتهى إليها المنظِّرون الغربيون بســوء نية. وهم الذين اعتبروا العالم اإلســ مي مجرد ساحة لحروبهم، أو أداة لترسيخ قوتهم، ال كيانًا حضاريًّا مترابطًا، ومجا ًل جيوستراتيجيًّا واحدًا، له ماهيته وهويته ومطامحه على الساحة الدولية. وسنستعرض الحقًا نظريات هؤالء المنظرين الغربيين وموقع العالم اإلسالمي في كل منها. منطق الواقعية الهجومية وفي مقابل هذا الخطاب السياســي الســاعي إلى الكفْكَفة من مخاوف الغرب، الذي نجده عند محبوباني وعدد من األكاديميين الصينيين، يوجد خطاب آخر متوجِّس من الصعود الصيني، إذ يراه نذير شــؤم على القوة الغربية عمومًا، واألميركية خصوصًا. وليــس الخوف الغربي من صعــود الصين باألمر الجديد، فقد أوردنا من قبل مقولة ) في مطلع القرن التاســع عشــر، التي يحذِّر فيها من 1821 - 1769 نابليون بونابرت ( يقظــة الصيــن. كما ظهر التوجس من صعود الصين في مطلع القرن العشــرين لدى منظِّر الجغرافيا السياسية البريطاني، هالفورد ماكيندر، وبنبرة عنصرية فجَّة؛ حيث حذر المحور الجغرافي " الصيني في خطابه الشــهير: " الخطر األصفر " ماكينــدر مما دعاه ، وتحول 1904 مطلع العام " الجمعية الملكية الجغرافية " ) الذي ألقاه أمام 33 ( " للتاريخ نصًّا تأسيسيًّا في علم الجغرافيا السياسية. لكن تلك التحذيرات المبكِّرة، الصادرة عن
Made with FlippingBook Online newsletter