23 |
رجــال من أمثال نابليــون وماكيندر، كانت مبنية على افتراضات ال أكثر، إذ لم تكن الصين يومذاك قوة يُحســب لها حســاب جديٌّ. لذلك فإن ما يهمنا هنا هو التوجس الغربي الحالي من القوة الصينية الصاعدة، بعد أن أصبح هذا الصعود واقعا مَعيشًا. وســنأخذ أحد أبــرز المنظرين األميركيين لعلم العالقــات الدولية في عصرنا، وهو األستاذ بجامعة شيكاغو، جون ميرشايمر، مثاًل على هذا المنحى من التفكير. اشــتهر جون ميرشــايمر بأنه أحد أبرز المدافعين عن المدرسة الواقعية في العالقات الدولية. وهو معروف بعدد من النظريات المشتقة من تلك المدرسة، أهمها لموضوعنا ) التي تقضي بأن أي قوة عظمى تســعى بطبيعتها 34 ( " الواقعية الهجومية " هنــا نظرية إلى تحصيل أعظم قدر من القوة على حساب القوى العظمى األخرى، وبأن العالم في حال تعدُّد األقطاب القوية أقرب إلى اندالع الحرب منه في حال القطب الواحد ، مأساة سياسة القوى العظمى المهيمن. وتطبيقًا لهذه النظرية، ذهب ميرشايمر في كتابه ستترجم على الراجح قوتها االقتصادية " الصادر منذ أكثر من عَقدين، إلى أن الصين ). وهذا أمر لن 35 ( " إلى قوة عسكرية، ثم تسعى إلى الهيمنة على جنوب شرق آسيا الصين والواليات المتحدة محكوم " تقبلــه الواليات المتحدة في رأيه، ولذلك فــإن .) 36 ( " عليهما بأن يكونا خصمين مع تعاظم القوة الصينية وال يزال ميرشــايمر مدافعًا عن هذا المنحى من التحليل في كتاباته المتأخرة، وفي فأضاف إلى طبعته 2001 محاضراته الوافرة، حتى اليوم. فقد وسَّع كتابه الصادر عام هل يمكن أن تتصَّدر الصين " ، فصًل ختاميًّا بعنوان: 2014 الموسَّــعة، الصادرة عام ). كما نشر أكثر من مقال أكاديمي ومقال رأي دفاعًا عن هذه األطروحة، 37 ( " سلميًّا؟ العاصفة المتحفِّزة: " بعنوان: المجلة الصينية للسياسة الدولية أهمها بحث منشور في .) 38 ( " تحدِّي الصين للقوة األميركية في آسيا إن مفتاح الهيمنة الدولية من منظور الواقعية الهجومية التي يؤمن بها ميرشــايمر هو أن تتمكن دولة كبرى من الهيمنة على إقليمها أوًَّلً، ثم تَحْرِم الدول القوية األخرى ألســباب " من الهيمنة على أقاليمها الخاصة. ويرى ميرشــايمر أن الواليات المتحدة ) قضت القرن األول من عمرها، وهو القرن التاسع عشر، في 39 ( " إستراتيجية وجيهة الســعي الحتكار الســيطرة في محيطها اإلقليمي، وطرد القوى األوروبية (البريطانية واإلســبانية والفرنســية) من القارة األميركية. فلما تحققت لها الهيمنة اإلقليمية في
Made with FlippingBook Online newsletter