| 52
، دون أن ينقص ذلك المادي والخُلُقي، ال يزال محط األمل وموضع الرجاء .) 107 ( " من قيمة الشعوب اإلسالمية األخرى، ومن خصائص عبقريتها وقد كان في وسع األستاذ المبارك أن يضيف الجغرافيا الدينية اإلسالمية معضِّدًا لهذا المنحى من التحليل، أقصد وجود مكة والمدينة والقدس في العالم العربي. وذلكم هو المنظور الثقافي اللغوي الذي يضع بالد العرب في الصدارة من العالم اإلسالمي. أمــا النظرية الثالثة عن مركز الثقل اإلســ مي فهي نظريــة صامويل هنتنغتون الذي يرى أن مركز العالم اإلسالمي ومستقبله في تركيا. وقد أشرنا من قبل إلى أن تركيا تقع في منطقة الرأس من الطير اإلســ مي العمالق، وهو أمر منســجم مع تاريخها السياسي؛ حيث كانت موطن أُخْرى اإلمبراطوريات العظيمة في تاريخ اإلسالم، وهي اإلمبراطورية العثمانية. وعلى خالف المنظور االجتماعي الذي صاغه مالك بن نبي، والمنظــور الثقافــي الذي تبنَّاه محمد المبارك، فإن هنتنغتون ينظر للقضية من منظور جيوستراتيجي. فقد صاغ هنتنغتون نظرية خاصة في العالقات الدولية تعتمد العامل الثقافي والديني، أو الفضاء الحضاري المشترك كما نعبِّر عنه هنا، أساسًا لها. وأبرز هنتنغتون األهمية ) بين الدول المنتمية إلى حضارة واحدة؛ 108 ( " القُرْبى الثقافية " اإلستراتيجية لما دعاه الحضارة أُسْــرة ممتدَّة، ومثل أعضاء األســرة األكبر سنًّا، تقوم دول المركز " ذلك أن بتوفير الدعم والنظام لألقارب. وفي غيبة القُرْبى هذه، فإن قدرة الدولة األقوى على ). وبناء عليه، 109 ( " حل الصراعات في منطقتها أو فرض النظام فيها تصبح محدودة صنَّف هنتنغتون دول العالم إلى ثماني كُتَل حضارية كبرى، مؤكدًا ضرورة وجود دولة محورية قوية في كل كتلة حضارية، تكون فيها بمنزلة الرأس القائد، والعنصر الضابط لشأن ذلك الفضاء الحضاري المشترك، والذَّاب لألعداء عن حياضه. وليــس بالضرورة أن تشــترك هذه الدولة المحورية مــع دول فضائها الحضاري في العوامل الثقافية المشــتركة تعطي " القومية أو اللغة، فالقرابة الثقافية تعوِّض ذلك؛ إذ شرعية للقيادة، ولدور دولة المركز في فرْض النظام، بالنسبة لكل من الدول األعضاء، ). وقد أدرك هنتنغتون وحدة الفضاء الحضاري 110 ( " والقوى والمؤسسات الخارجية اإلســ مي، وصنَّفه ضمن الحضارات الثماني التي تتقاسم العالم اليوم، لكنه الحظ حالة االنكشــاف التي تعيشــها الحضارة اإلســ مية في هذا العصر، ألنها ال تملك
Made with FlippingBook Online newsletter