53 |
تملك القدرة واإلرادة، لكي تتصدَّر العالم اإلســ مي، وتضبط خالفاته " دولة مركز " الداخلية، وتدرأ عنه سهام األعداء. وكنَّا أوردنا بعض مالحظاته من قبلُ. واســتعرض هنتنغتون ســت دول إســ مية، وقدَّم تقييمه إلمكانية اضطالع أي منها في حضارة إســ مية معاصرة، وهي: السعودية، وإيران، ومصر، " دولة المركز " بدور وباكستان، وإندونيسيا، وتركيا. فوجد أن خمسًا منها تعاني من موانع تحول بينها وبين هذا الدور، إما لعدد ســكانها الصغير نسبيًّا وضعف حصانتها الجغرافية (السعودية)، أو للفــوارق المذهبية بينها وبين جمهور المســلمين (إيران)، أو لفقرها في الموارد الطبيعية (مصر)، أو لعدم اســتقرارها السياســي (باكستان)، أو لبُعدها الجغرافي عن مركز العالم اإلسالمي (إندونيسيا). فلم يبق من الدول الست سوى تركيا التي رآها تركيا " هنتنغتــون مؤهلة لدور دولــة المركز في العالم اإلســ مي، وتوصَّل إلى أن لديها التاريخ، وعدد السكان، والمستوى المتوسط من النمو االقتصادي، والتماسك .) 111 ( " الوطني، والتقاليد العسكرية، والكفاءة.. لكي تكون دولة مركز... ولســنا نعتقــد بوجود تناقض بين هذه النظريــات الثالث، ألنها ال تتوارد على نفس المحــل بتعبيــر علماء المنطق، بل يتناول كل منها مركز الثقل اإلســ مي من زاوية نظــر مخصوصــة. ويبدو لنا أن ك ّل من النظريات الثــ ث تتضمن جزءًا من حقيقة الجغرافيا السياســية اإلســ مية، فما ذكره مالك بن نبي من حيوية اجتماعية وروح عملية لدى الشعوب المسلمة في جنوب شرق آسيا -فض ًل عن كثافتها الديمغرافية- أمر صحيحٌ، وما أبرزه محمد المبارك من جاذبية العالم العربي -بحكم ارتباط لغته بالوحي اإلســ مي ووجود المقدســات اإلسالمية على أرضه- صحيح أيضًا. ومثل ذلك يقال عن حديث هنتنغتون عن األهمية الجيوستراتيجية والتاريخية لتركيا. فتركيا قوة فتيَّة ناهضة، والشــعب التركي ذو تاريخ عريق في قيادة العالم اإلســ مي، وهو قادر على تكرار مأثرته في المستقبل. دولة " ونحن نميل إلى رأي هنتنغتون في أن تركيا مؤهلة اليوم أكثر من غيرها لتكون في العالم اإلسالمي، وقد تناولنا موضوع الرِّيادة التركية وجذورِها التاريخية " المركز )، لكن العالم اإلسالمي يحتاج أكثر من 112 بتوسُّع في دراسة سابقة باللغة اإلنكليزية( دولة محورية، وأكثر من بؤرة إســتراتيجية صاعدة، ليقف على قدميه، ولعل ماليزيا وإندونيسيا قد قطعتا شوطًا بعيدًا في هذا االتجاه. كما أن دوًل إسالمية أخرى لديها
Made with FlippingBook Online newsletter