العدد 1 يناير كانون الثاني 2023

| 204

عن موضوع المقابلة، خاصة إذا ما كانت نقطة التركيز تقع على الموضوع بحد ذاته. غيــر أن التحضير لموضــوع المقابلة العلمية يختلف عن التحضير لموضوع المقابلة الصحافية في كون األول يتطلب استحضار معارف سيكولوجية وسوسيولوجية معمقة، باإلضافة إلى معارف منهجية تتعلق بمهارات طرح أسئلة يتمخض عنها الحصول على ردود قابلة للتصنيف ضمن أنماط ومحاور تحمل دالالت علمية بالنســبة للباحث. أما في مجال اإلعالم، فقد تســتدعي المقابالت والحــوارات الصحافية -زيادة عن البحث في الموضوع نفسه- التركيز على الشخصية التي تجري محاورتها لشخصها ولمواقفها، خاصة إذا ما كان الهدف من اللقاء هو الشخص الذي يُجرى معه الحوار. وعادة ما تُجرى المقابالت أو الحوارات إما للحصول على معلومات حول موضوع ما، أو للتعرف على جوانب شخصية من حياة ضيف ما، أو للتعرف على رأي ضيف ما حول قضية ما أو حول قضايا مهمة. ويُعد التحضير الجيد للمقابلة الصحافية أمرًا ضروريًّا في األنواع الثالثة؛ إذ ال يمكن للصحافي فهم ردود الشخص المستجوَب، وال فهم سياقاتها المتغيرة -إن وُجدت- دون أن يكون على اطالع معمق بالموضوع الذي يحاور ضيفه حوله. كما قد يحول غياب التحضير الجيد والثقافة العامة الواسعة دون إمكانية ارتجال أسئلة متابعة أو أسئلة توضيحية، خاصة عندما ال يكون الصحافي على دراية كافية بالموضوع الذي يحاور فيه ضيفه وبأدق التفاصيل، أو حين ال يكون على معرفة كافية بآراء الضيف وال بماضيه، وال بعالقاته، وال بتوجهاته األيديولوجية، وال بخياراته، أو إن لم يكن على دراية بتطور وتغير مواقفه على مر السنين. كما قد ينجر عن قلة معرفة الصحافي بموضوع المقابلة، أو بشــخصية الضيف المستجوَب، عــدم قدرته على صياغة أســئلة معمقة تحقق الغــرض الذي أراد إجراء المقابلة من أجله، فيكتفي حينئذ بطرح أسئلة سطحية قد تنقص من قيمة المقابلة، أو تنقص حتى من سمعة الصحافي نفسه. ومــن شــروط نجاح المقابلة خالل وقــت إجرائها هو أن يُحكِــم الصحافي إدارته للحــوار، وذلــك عبر الحرص على أن يكون هو من يحدد اتجاه المقابلة، وأال يترك زمــام المبادرة والهيمنة للضيــف، إال إذا كان ذلك متعمدًا لغرض يريده الصحافي. وكلمــا حضَّر الصحافي للمقابلة تحضيرًا جيدًا، تمكن من فرض احترام الضيف له، وفرض التعامل مع أسئلته بحرص وعمق وجدية، خاصة حين يكون الشخص الذي يجري معه الحوار شــخصية مهمة. أما فيما يخص المتطلبات النفســية والمهنية التي

Made with FlippingBook Online newsletter