| 256
مقدمة شــهد المغــرب في أوائــل التســعينات من القرن العشــرين جملة مــن األحداث والتحوالت التي اعتبرها المراقبون والمتتبعون للحالة السياســية المغربية مؤشــرات دالة على وجود تحول وانتقال نوعي في مسار النسق السياسي واالجتماعي المغربي نحو إرســاء المجتمع الديمقراطي. وكان من أبرز هذه األحداث تأســيس المجلس ،) 1993 )، وإحداث وزارة حقوق اإلنســان ( 1990 االستشــاري لحقوق اإلنســان ( ، يوليو/ 1991 وإطالق ســراح المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين (أغسطس/آب )، وتعيين حكومة 1996 )، ثم اإلصالح الدســتوري ( 1994 ، مايو/أيار 1993 تمــوز )، وانتقال الســلطة للملك وإقالــة وزير الداخلية، إدريس 1998 التنــاوب التوافقي ( )، وخطاب الملك 2004 )، ثم إحداث هيئة اإلنصاف والمصالحة ( 1999 البصــري، ( الربيع " حول التعديالت الدستورية في سياق ما سمي بـ 2011 يوليو/تموز 9 بتاريخ . لكن هذا االنتقال ال تزال تواجهه العديد من المعوقات والثغرات، ســواء " العربــي القانونية التي ترتبط بالدستور، أو المعوقات السياسية واالقتصادية واالجتماعية، كما تواجهه تحديات كبرى تتمثَّل في العديد من المتغيرات المتسارعة والتحوالت العميقة الداخلية والدولية. وبغض النظر عن هوية صورة النظام السياسي، وأيضًا االنتقادات التي تُوجَّه إلى الحالة السياسية والوضعية الراهنة، فإن الحس النظري األول إلشكالية االنتقال الديمقراطي ينطلق من مسلَّمة مركَّبة من شقين أساسيين، هما: إعالم/انتقال ديمقراطي؛ إذ تقوم وسائل اإلعالم بدور رئيسي وفاعل في تشكيل سياق االنتقال الديمقراطي واإلصالح السياسي في المجتمعات، وتعكس طبيعة العالقة بين الدولة والمجتمع، وبين النخبة والجماهير. ويتوقف إســهام وســائل اإلعــ م ودورها في عملية التغيير السياســي والديمقراطي على طبيعة ووظيفة تلك الوسائل في المجتمع، وحجم الحريات، وتعدد اآلراء واالتجاهات داخل هذه المؤسسات بجانب طبيعة العوامل الثقافية واالجتماعية والسياســية المتأصلــة في المجتمع. لذلك لم يقتصــر االنتقال الديمقراطي في هذه األطروحة على الممارسة السياسية فحسب، وال طبيعة النظام والمشهد السياسي في
Made with FlippingBook Online newsletter