259 |
الــذي يحــذوه المغرب في مجــال اإلعالم والتطورات المصاحبــة له، ورصد أهم المؤشــرات المحددة اليــوم لمجال اإلعالم في عالقته بما هو سياســي واقتصادي ومؤسساتي، وكيف يخدم اإلعالم مسألة االنتقال الديمقراطي نظريًّا إذا ما تم اعتبار االنتقال بمؤشرات ومعايير علمية. وتشير األطروحة إلى أن مفهومي اإلعالم واالنتقال الديمقراطي يحيالن إلى درجات متقدمة من التقاطع الموجود بين حقلين معرفيين من حقول العلوم اإلنسانية، أولهما: حقل عام وواسع وهو حقل العلوم السياسية، والثاني: حقل خاص وهو علوم اإلعالم، وهو ما يطرح من جديد الوضعية الخاصة واالســتثنائية لعلوم اإلعالم واالتصال في عالقتها بباقي العلوم اإلنسانية. فقد ظلت الدراسات اإلعالمية واالتصالية على مدى أربعين عامًا حق ًل معرفيًّا متحركًا ومجا ًل بحثيًّا مفتوحًا تتقاطع ضمن دائرته مجموعة من العلوم اإلنســانية. وشــكَّلت وســائل اإلعالم طوال عقود الستينات والسبعينات وحتى بداية الثمانينات، وفي ظل هيمنة الدولة الوطنية على دواليب الحياة سواء في الســياقين الغربي أو العربي، جزءًا من البنيــة الفوقية التابعة للدولة، وكانت وظائف اإلعالم حينذاك تتحدد في الوظيفة االجتماعية والتربوية للرسالة اإلعالمية التي تسعى لتحقيق هيمنة وديمومة الخطاب الواحد للدولة. ومن هنا، كان اإلعالم يمثِّل جزءًا من السياسة العامة للدولة، بما يعنيه ذلك من هيمنة الدولة أو الحزب الواحد على دواليب العملية اإلعالمية والتواصلية، وتمكُّن أجهزتها األيديولوجية من الســيطرة على الجماهير والتصدي لكل دعوات التغيير. في مقابل ذلك، شهدت حقبة التسعينات من القرن العشرين موجات من الثورات التكنولوجية المرتبطة بانتشــار الشــبكات الرقمية التي تغلغلت في مشــارب الحيــاة االقتصادية واالجتماعية والسياســية والثقافية. وقد أســهم ذلك في تطــور االهتمام من الدائرة االجتماعية للعملية اإلعالمية نحو البعد السياســي للعملية اإلعالمية والتواصلية، من خالل التركيز على الوظائف السياســية لإلعــ م واالتصال وفق معادلة جديدة تقوم على اســتحضار فاعلين سياسيين جدد من غير الدول، ودورهم في تفسير العالقات االجتماعية والسياسية الجديدة التي تؤسِّس لحالة االنتقال من عالقات قوامها الثبات والسكون إلى عالقات جديدة تقوم على التحول والتغير. وفي سياق التأصيل لمفهوم االنتقال الديمقراطي، الذي أصبح أحد البراديغمات األكثر
Made with FlippingBook Online newsletter